من حين إلي آخر يتبادر إلى ذهني عدد من الأفكار الايجابية التي تستحق أن توضع في دائرة اهتمام المسؤولين للنهوض بالعمل المجتمعي، وبعد أن أضع لها إستراتيجية التنفيذ اصطدم بالواقع المؤلم والبيروقراطية الفكرية التي تمتاز بها المحيطين بي من الزملاء والأصدقاء وكل المتعاملين معي ،ويتم وضع أفكاري في دائرة مغلقة بين قوسين لا تخرج عن "أحلام وأفكار مجنونة".
ولذلك بحثت عن متنفس لطرح أفكاري المجنونة خارج أقواس الزملاء والأصدقاء والمحيطين بي من خلال اتجاهي الى تدوين بعض من أفكاري لعلي أتخلص من الأقواس وأجد شعاع أمل في تحويل أفكاري المجنونة إلى أفكار عاقلة تسير في اتجاه التنفيذ .
أحدث أفكاري هو تدشين مكتب للإرشاد الأسري فالإرشاد الأسري هو أهم الوسائل الإصلاحية في المجتمع الذي يعج بمشاكل لانهاية لها ،بالإضافة إلي كونه تفاعل ايجابي بين الفرد والمجتمع من خلال طرح المشاكل الحياتية المختلفة التي تهدد كيان الأسرة المصرية ،فاستقرار الأسرة هو النوة الأساسية لخلق تنمية حقيقية ، لأن التفكك بين أفراد المجتمع لن يحقق نماء في أي من مجالات الحياة .
ففي اغلب المجتمعات العربية تلعب مكاتب "الإرشاد الأسري" دور مهم في إنهاء الخلافات العائلية علي مستوي الأزواج والأبناء والأخوات ،ومع ما لهذه المكاتب من دور ايجابي إلا أن هذا العمل في مصر يخرج إلى إطار الموضوعية وينحرف إلي أشياء أخري بعيدة عن العلم والعمل علي الإصلاح.
وعلي الرغم من وجود محكمة الأسرة التي تحسم معظم خلافات الأسرية ولكن الحسم غالبا ما يكون سلبيا وتنتهي الخلافات بين الزوجين إلي مصير واحد وهو الفرقة والشتات والاختلاف فالإصلاح في المحاكم عمل صعب المنال أما في مكاتب "الإرشاد الأسري " فيكون الصلح والنصح والعلاج أمر مقبول من خلال اختيار أعضاء مكتب الإرشاد ولذلك وضعت في فكرتي عدد من الشروط الواجب توافرها في فريق عمل مكاتب الإرشاد الأسري من أهمها .
فالنصح والإرشاد لا يكون مقبولا إلا من أشخاص تتوافر فيهم شروط معينه من أبرزها أن يعلم بحال المسترشد ويحيط بالمشكلة عن بصر وبصيرة ،بالإضافة إلي أن يخلص النية نحو الإصلاح ،مع مراعاة أن يأخذ رأي المتخصصين في المشاكل التي لا يعرف .
والمرشد لابد ان يكون لديه مهارات مهنية وحياتية وتجارب وحكمة وحنكة وصبر وان يسمع جيدا لأصحاب المشاكل ومهارات التعاطف وتوفير المعونة النفسية، ومهارات توجيه الأسئلة وطلب المعلومات، ومهارات تقديم البدائل والاقتراحات، ومهارات التشجيع، ومهارات تقديم النصح.
وعلي المرشد تطوير نفسه من مشكلة إلي أخر وان يكون صادق ومحمود السير والسلوك محل ثقة كل الناس وان يحافظ على سرية المعلومات، فالكثير من الناس قد تبقى المشكلة تجول بداخله وتقلقه ولا يستطيع عرضها خوفاً من إفشائها ويخشى كل الخشية أن ينشر ولو طرف منها، ولذا فعلى المرشد طمأنة المسترشد إلى سرية هذه المعلومات، وينبغي للمرشد ألا يتحدث بهذه المشكلات في المجالس العامة والمجامع.
وحتى لا أطيل علي القارئ الكريم في طرح فكرتي "المجنونة "حول نشر ثقافة المكاتب الأسرية في "مصر "لحل العديد من المشاكل العائلية وعودة الهدوء إلي البيت المصري انه عمل اجتماعي رائع حتى لو أسس علي قواعد علمية ودينه وأخلاقية سليمة بعيد عن الخزعبلات والأعمال السفلية والعلوية واستغلال الدجالين .
————–
* كاتبة المقال رئيس جمعية بصيرة للتنمية الإجتماعية.