حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية
مشاركة المصريين في الخروج بوطنهم من محنته الاقتصادية امر حتمي لا يتهرب منه غير متخاذل اوخائن، إلا ان الشعوب عادة لا تتوقع من حكوماتها ان تطلب منها ان تكون المشاركة في صورة تبرعات ’فربما كان ذلك دور العمل الأهلي.
وفي حالات الضيق المالي تكون التوقعات متجهة نحو اجراءات حكومية لزيادة الدخل القومي بالتوازي مع اجراءات لخفض الإنفاق الحكومي . وقرارات لا تسمح بوصول الدعم إلا لمستحقيه. وضرائب تفرض علي أصحاب الدخول المرتفعة، ولا تفرض بالتساوي علي جميع طوائف الشعب. كل ذلك بجانب منظومة محكمة توقف الفساد الذي يطل علينا بين الحين والآخر مؤكدا ان شيئا لم يتغير، وانه مازال يرتع دون رادع.
ولعل الإجراءات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية بتخفيض اجور الوزراء وأعضاء مجلس الشعب هي إجراءات تستحق التقدير.
وفي حين يتعجب البعض من ردود الفعل الساخرة للمصريين في موضوعات لا تحتمل السخرية، إلا انه رد فعل يحتاج الي التحليل والفهم وليس اللوم والهجوم. وبدلا من ان نصب جم غضبنا علي من لجأوا إلي السخرية كرد فعل علي اقتراحات طرحت مؤخرا، علينا ان نسعي إلي فهم دوافعهم.
يتجه المصريون عادة للسخرية عندما يعجزون عن اتخاذ رد فعل قوي فتكون السخرية هي المتنفس الوحيد للتعبير عن همومهم. كما يلجأون ايضا للسخرية ممن يخذلوهم اويتعاملوا معهم باستهانة، في حين لا يملكوا القصاص منهم.
وفي أحيان كثيرة تكون السخرية هي رد الفعل الوحيد الممكن عندما يشعرون بالإحباط الذي يكون في الغالب نتيجة وعود وتصريحات لم يجدوا لها أثرا علي أرض الواقع، فتكون السخرية هي الوسيلة المثلي للتعبير عندما تتراجع الطموحات ’ولا يبقي غير اليأس الذي يهربوا منه إلي السخرية التي تمثل في هذه الحالة سلاحهم الوحيد، وأداتهم الممكنة للنيل ممن تسبب في غضبهم.
ولأن القدرة علي السخرية موهبة كما ان المنتج الساخر يمثل شكلا من أشكال الابداع، ويعكس شخصية موهوبة كانت في حاجة الي نظام تعليم يطور ملكاتها، ودولة تضع امكاناتها في اطار منظومة إدارية تخرج ما بداخلها من طاقات، ولا تقتلها اوتطمسها، سيظل هناك مطلب لن تنتهي المطالبة به الا بتحقيقه، وهي منظومة تعليم يستحقها الشعب.
