الخميس , 28 مارس 2024

مدرين المكتوميّة تكتب عن: المتحرش المفضوح!

= 4209

للأسف ما زالت قضايا التحرش تتكرر من حولنا في كل أنحاء العالم، ويبدو أنَّ الأمر آخذ في التزايد طالما أنَّ المُتحرش لم يجد العقاب الرادع لهذا الفعل المُشين، وطالما أن معظم النساء اللاتي يتعرضن لهذا الموقف الصعب والقاسي يخشين من افتضاح الأمر، ويُفضلن السكوت عن الكلام والإفصاح عن مُرتكب تلك الجريمة.

والتَّحرش بلا شك جريمة يُعاقب عليها القانون، قبل أن تكون جريمة أخلاقية تدينها الفطرة البشرية السوية، وفعل خبيث يعكس حجم العلل النفسية في داخل المتحرش، ويميط اللثام عن الحاجة المجتمعية لضرورة توعية النساء بخطر المتحرشين، وتأثيراتهم السلبية على مستقبل النساء، لا سيما الفتيات دون سن الرشد، فما نسمعه ونشاهده من حوادث يندى لها الجبين. ونحن هنا لا نهوّل ولا نهوِّن من حجم هذه المشكلة، لكن في الحقيقة نحتاج إلى جهد أكبر من جهات الاختصاص لبث التوعية الكافية بحقوق المرأة، وكذلك تحذير المُتحرشين من عاقبة أفعالهم.

ما دفعني للكتابة في هذه القضية الشائكة، رسالة وردتني من زميلة أجنبية سابقة تعمل مُترجمة في دولتها، وهي دولة صديقة لسلطنة عُمان، تقول الزميلة في رسالتها، إنِّها تعرضت لموقف قاسٍ للغاية من أحد المسؤولين والذي زار بلدها على رأس وفد رسمي لبحث تعزيز التَّعاون بين البلدين، وقد قامت الزميلة المترجمة بواجبها على أكمل وجه، وأدت مسؤولياتها بكل مهنية وكفاءة.

وتوضح أنها ورغم طبيعة عملها التي تفرض عليها استقبال العديد من الوفود الأجنبية الزائرة لبلادها، لكنها اعتادت على تحديات المهنة ومصاعبها، لكنها لم تتخيل يومًا أنَّ من بين هذه التحديات قضية التحرش، وأن تتعرض هي لتحرش من رئيس الوفد الزائر.

وتضيف المترجمة وهي في نهاية العشرينات من عمرها أن رئيس الوفد تحرَّش بها أثناء قيامها بعملها، وأنها حذرته في بداية الأمر، لكنه تمادى ووصل به الأمر أن دعاها علانية لمُرافقته إلى غرفته، فاعترضت أشد اعتراض على هذا الفعل السيئ والمُشين، فما كان من هذا الشخص إلا أن رفض دفع أجرها المُستحق عن عملها كمترجمة. هنا انتهت الفضيحة التي قام بها هذا الشخص، لكن أثرها ترك جرحًا غائرًا في نفس هذه الشابة البريئة التي لا ذنب لها إلا أن قامت بعملها.

ولعل أكثر ما آلمني أنَّ هذه الفتاة عندما راسلتني، أخبرتني أنها عندما تعلمت اللغة العربية ودرستها أحبتها وأحبت المُتحدثين بها، لكنها بعد هذه الحادثة تلقت صدمة عنيفة تسببت في اهتزاز ثقتها بنفسها، ودفعتها للتفكير مليًا في ترك هذه المهنة؛ إذ إنها لن تأمن بعد اليوم لأي شخص تقدم له خدمات الترجمة الفورية.

في حقيقة الأمر، لم أجد من الكلمات ما أرد بها على هذه المترجمة، سوى أنني حاولت تهدئتها وطلبت منها ألا تُعمم ما حدث، فالأشخاص السيئون يعيشون في كل دولة، والمتحرشون منتشرون في أنحاء العالم، ينفثون سمومهم في كل مكان، ما إن يروا امرأة حتى تتحرك غرائزهم البهيمية، وتشتعل نفوسهم المريضة بالأفكار السيئة التي تدفعهم لارتكاب هذا الفعل المُشين. لستُ متأكدة إن كنتُ قد نجحت في تطمينها وتهدئتها أم لا؟! لكنني متأكدة أنَّ هذه الفتاة ستظل تُعاني من تلك الحادثة لفترات طويلة من حياتها، وربما تؤثر على حالتها النفسية طيلة عمرها.

إنني لأناشد كل فتاة وامرأة تتعرض لهكذا موقف أن تتحرك فورًا إلى جهات الاختصاص القضائية والتنفيذية، لاتخاذ ما يلزم من إجراءات عقابية بحق كل من تسوِّل له نفسه مخالفة ضميره الإنساني والمهني والوطني، ويرتكب مثل هذه الحماقات التي لا يجب أن تمُر مرور الكرام، وليعلم كل مُتحرش أنَّه لن ينجو من العقاب، وأن فضائحه يعلمها القاصي والداني، ولو أنَّ هذه الفتاة المترجمة تقدمت لجهات الاختصاص بالشكوى رسميًا فلن يجد هذا الشخص المتحرش سوى كل مهانة وإذلال.

—————————-
* كاتبة وإعلامية عمانية

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: سندوتش المدرسة.. صدقة وزكاة

عدد المشاهدات = 6470 لا ينكر إلا جاحد ان الشعب المصرى شعب أصيل، شعب جدع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.