الخميس , 28 مارس 2024

مدرين المكتومية تكتب: ولكم من أنفسكم حظوظ!

= 412

هل تؤمن بالحظ؟ وماذا تعني لك كلمة “حظ”؟ هل هو النصيب أم القدر أم الظروف؟ أم هل هو النصيب مصحوبًا بالإرادة الشخصية؟

الحظ أو ما أطلقَ عليه الرومان “فورتونا”، يعني بشكل عام النصيب والقدر مع جانب من التوفيق الذاتي للفرد، وقد وصف القرآن الكريم ما تمتع به قارون من ثروة وجاهٍ بالحظ العظيم، يقول تعالى في محكم التنزيل على لسان قوم قارون: “يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيم”، وذلك يقودنا للإيمان بأنَّ “الحظ” حقيقة وليس مجرد افتراض أو أمل يعيش عليه الناس، ويمكن أن يحالف الحظ أي شخص في الحياة بطرق مُختلفة، ولكل شخص نصيب وحظ من اسمه وعمره وتفاصيل حياته وظروف نشأته ومسيرته وغير ذلك كثير.

وعندما يُقال شخص محظوظ، فهذا يعني أنَّه حصل على شيء لم يتوقعه، أو نجا من حادثة مهلكة وكارثية، أو امتلك شيئًا لم يكن ليمتلكه في الظروف العادية، أو ربما حتى حصل على وظيفة لم يتخيلها، وهناك الكثير من الأمثلة التي تدلل على الحظوظ في الدنيا. والكثير من الأشياء التي تحدث بيننا ومعنا ترتبط بهذا الأمر، فمثلا تأخرك عن موعد، والخطأ في مسار الطريق، ورفض الأكل في مطعم مُعين، فتكتشف بعد ذلك أنَّ هذا الموعد كان سيعود بالضرر عليك، أو أن تلك الطرق أبعدتك عن حادث، وأن عدم تناول الطعام في ذلك المطعم جنبك التعرض لتسمم مميت.

تكمن الحظوظ في كونك تستطيع الحصول على غير المتوقع، وقد يكون في توقيت مُغاير، وقد تجد نفسك دائمًا تمتلك ما لا يمتلكه غيرك، وتحصل على كل شيء دون أي جهد، وتلك هي لعبة الحظ التي لا تخطئ من تصيبه؛ بل هي دائمًا تساهم في صنع الشخص وتغير مساراته، والحظ يرسم الابتسامة وسط الدموع، ويمنح السعادة في أمواج الحزن، والحظ هو أن تجد نفسك نائمًا على أمل وتستيقظ على تحقيقه! الحظ هو تلك العصا السحرية التي تهبك الأشياء دون توقع، هي أن يتبدل حالك من حالٍ لحالٍ أفضل.

لكن إذا ما تحدثنا عن الحظ وعن ارتباطه بالأقدار، فهل هناك اختلاف بينهما؟!

الحقيقة أن الأقدار لا مفر منها، لكن الحظوظ هي نتاج الكثير من الأقدار ويمكن أن نطلق عليها الأقدار غير المتوقعة، وتأتيك في صورة هبة أو منحة لاستحقاقك لها، لكن ما يمكن النظر إليه هو أن الحظ أيضا قد يكون نصيب الإنسان من الخير والشر، فلربما يكون نصيبك من الشيء ليس الجميل منه وإنما المؤلم، وقد يكون أيضا المرهق والمتعب وغير المريح.. قد يكون نصيبك- الذي هو حظك- سيئاً لدرجة أنك تخسر كل شيء وتدفع أثمانًا باهظة، ولا تنجح في أكثر الأشياء بساطة وسهولة؛ لذلك يُقال دائمًا: “فلان حظه من الدنيا جميل، وفلان نصيبه من الدنيا التعب”.

ومن المُلفت في مسألة الحظوظ، أن هناك الكثير من المختصين والمهتمين يقرأون العديد من سمات وعلامات خاصة بالحظ والتي دائما تكون على الوجه، قد لا يصدقها الإنسان الطبيعي ولا يؤمن بها المؤمن، ولكن أعتقد أن هناك فعلا سمات يمكن من خلالها التكهن بمن يمتلكون الحظوظ من خلال ملامحهم وتقاسيم وجوههم.

وهناك أمر آخر وهو إذا ما ارتبط الحظ مع الأمنيات والرغبات الداخلية، فقد يكون هناك ارتباط بين الحظ وبين ما يدور في مخايلنا وأفكارنا، فالإنسان المحظوظ- من وجهة نظري- هو الشخص الأكثر إيمانًا بنفسه وقدراته، والأكثر تفاؤلًا، والأكثر امتلاكًا لحواسه والتعامل معها، فبقدر ما ترى نفسك تتحقق الأمنيات والرغبات، وبقدر ما تطلبها تُساق إليك، لكن قد لا تكون بالطريقة التي تتوقع، وإنما بحصولك على أشياء أخرى ربما تكون خيرًا منها.

لكن علينا جميعًا أن ندرك أن الحظ لا يعني الاتكالية، وعدم السعي، والتوقف عن العمل، فالحظ ليس معجزة تهبط علينا من السماء ولا “جني علاء الدين” الذي يخرج لنا من القُمقُم؛ بل هي نتائج أعمالنا ومثابرتنا في هذه الحياة التي يجب أن نمارس فيها أقصى جهد، ونبذل من أجلها الكثير من العمل، حتى نُحقق أمانينا، ونسعد بحظنا.. وإنني لأتمنى لكل إنسان أن يُحالفه الحظ في كل ما يريد ويسعى باجتهاد وإخلاص وشغف.

———————–
* كاتبة وإعلامية عمانية.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: سندوتش المدرسة.. صدقة وزكاة

عدد المشاهدات = 6264 لا ينكر إلا جاحد ان الشعب المصرى شعب أصيل، شعب جدع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.