الجمعة , 19 أبريل 2024

لم أعد أحتمل الحياة مع زوجي العصبي!

= 2043


د. سليمان الحوسني

سيدة متزوجة منذ 30 عامًا، وزوجها رجل عصبي، ويتمسك برأيه ويرفض أي حوار، لم تعدْ تحتمل الحياة معه، وتُفَكِّر في الانفصال، لكن يحزنها أن تشتتَ شمل أسرتها.

تقول السيدة: أنا زوجةٌ ولديَّ أولاد، زوجي رجل عصبي، يتمسك برأيه ويرفض أي تحاور في كثير من الأحيان، تكلمتُ معه كثيرًا بهدوء وحاولتُ إقناعه، لكنه للأسف لا يتغير.

الآن وبعد 30 سنة من الزواج لم أَعُدْ أحتمل هذه الحياة، مع العلم أنني لا أخلو من العيوب، ولعل أكبر عيب فيَّ أنني ألْتَزِم الصمتَ تجنُّبًا لرد فعله الجارح، حتى إنني أرى أني أُسْهم في ظلم شديد لأبنائي!

فكرتُ كثيرًا في الانفصال، لكن يحزنني أن أشتتَ شمل أسرتي، فما النصيحة التي تُقَدِّمونها لي؟

سيدتي:

شكرًا لك على التواصل معنا، ونسأل الله أن نكونَ عند حُسن ظنك بنا، سائلينَ المَوْلَى – عز وجل – أن نُوَفَّق للإجابة على استشارتك بما يعود عليك بالنَّفْع والفائدة والمساعدة.

في البداية نُبارك لك إنجازك في الصبر كل هذه السنوات، وهنيئًا لكما الذُّرِّيَّة الطيبة التي وهَبَها الله لكما، واعترافُك بأنك لستِ خاليةً مِن العيوب إنجازٌ يُضاف لك، وكذلك لزومك الصمت تحاشيًا لردود الفعل، ومُحافَظة على العلاقة الزوجية، كلُّ ذلك أختنا الكريمة يُحْسَبُ لك لا عليك، وأنت بذلك تقتدين بالصالحات، وتُعطين مثلاً رائعًا للمرأة المثالية الصابرة المحتسبة، ولا شك أنك تؤجرين عند الله سبحانه وتعالى، وعليك أن تواصلي هذه الأفعال الجميلة، وتحتسبي الأجر عند الله الكريم، وسوف تجدين الخير العظيمَ يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون.

واعلمي أختنا الفاضلة أن الإنسانَ لا يَسْلَمُ مِن الابتلاء في هذه الحياة؛ يقول الله: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 – 157]، ويقول سبحانه: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ﴾ [محمد: 31].

وهذا الابتلاءُ فيه اختبارٌ للإنسان ومدى صبرِه، وأنَّ العاقبة خيرٌ للصابرين كما بَشَّرهم ربنا وأثنى عليهم، واللهُ إذا أَحَبَّ العبد ابتلاه، كما جاء عن بعض السلف: "إذا أَحَبَّ الله عبدًا ابتلاه، فمِن حبِّه إياه يَمَسُّه البلاءُ حتى يدعوه فيسمع دعاءه".

وهنا عليك أختنا الكريمة ببعض الأمور التي نُوصيك بها:

• اللجوء إلى الله، والاستعانة به سبحانه، فهو قريبٌ مِن عباده.
• كثرة الدعاء والطلب والتذلُّل له سبحانه.
• المحافَظة على الصلوات وبقية العبادات.
• دعوة الأبناء وتذكيرهم بالعبادة والطاعة، وتدارُس القرآن معهم في البيت.
تجنُّب المعاصي والتوبة منها إن وجدتْ، وكثرة الاستغفار.
• خدمة الزوج حتى لو كان مُقَصِّرًا، وإعطاؤه حقوقه كاملةً.
• محاولة التفنُّن والإبداع والتغيير الإيجابي في البيت، حتى يحسَّ الزوجُ بأن زوجته تُقَدِّم له الجديد، والتغيير يكون بأشياء بسيطة تتعلق بترتيب الأثاث أو التنويع في اللباس أو الطعام أو نحو ذلك.
• كثرة العبارات الحُلوة والجميلة للزَّوج، المعَبِّرة عن الحبِّ والوُدِّ.

• في حالة عدم تحسن الأمور لا بد من زيارة أهل الاختصاص في العلاقات الزوجية والاستشارات العائلية، وقد يستدعي الأمرُ جلوسكما معًا مع بعض المختصين لمعرفة الأمور بكل متعلقاتها.
وأخيرًا نسأل الله لكما السعادة الزوجية.

 

شاهد أيضاً

عادل عبدالستار العيلة يكتب: القناع والظل

عدد المشاهدات = 904 هناك مسألة نفسية تحدث عنها عالم النفس الشهير (كارل يونج) وهى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.