الجمعة , 20 يونيو 2025

عزة الفشني تكتب: غداً نلقى الأحبة

= 1445

 

رغم إقتناعى التام أن الموت بداية الرحلة لرؤية الله في نهايتها وأنه ليس بالأمر المخيف فمن يخاف ممن وسعت رحمته  كل شيء وهو الذي أحن علينا من الأم وجميع الخلائق، وأن الجميع سينتقل لدار الحق، وكل يجزى حسب عمله، وكثيراً ما يكون رحمة لعباده، ولكن نضعف أمام الفقد ونحزن على من رحلوا ونخاف أيضاً عليهم لأن أعمالهم انقطعت ولا يمكنهم العودة ليصححوا ما فاتهم …
نحن نؤمن بأن الموت حق علينا ومع ذلك مصيبته تنال منا رغماً عنا
ومهما كنا أقوياء فإننا ننهار أمام هذا الحدث ليس إعتراضاً ولكن لأننا بشر ….

عندما يقع على مسامعك موت شخص عزيز فإنها تنخر فى الروح قبل الجسد وتكسر الظهر وتشيب الشعر وتعمى الأعين وتربط اللسان عن النطق وتعجز الرجل عن الحركة فوجع الروح هو أنك تفارق قطعة منك في الدنيا فموت الأباء و الأبناء والأزواج من أصعب الاوجاع ..وجع وألم لا ينتهي أبدأ وجرح لا يندمل فهو بتر في الروح

ما أصعب الفراق لأنه يجبرك على أن تفارق روحاً كانت جزءاً منك وأنت تجترأ دموع الآلم والحسرة فلا يوجد أصعب من فراق الأحبة.. يرحلون ويتركون في القلب غصة وجرح لا يزول وإن مرت الأيام و السنون.. نظل نبكيهم أبد الدهر حتى يجف بكاء العين ويحترق القلب إلى أن يصبح رماداً.

‏تؤلمنا تلك الصلابة التي نخفي بداخلها كل شيء في حين أننا نود بكل بساطة أن نعلن الإنهيار ..!

ولأن شمس الأحبة غابت وتلاشت عن سماءنا فيصبح الكون كله موحش و ظلام دامس فقد رحلوا وتركوا لنا الآلم والذكرى تعتصر قلوبنا كدماً وحزناً عليهم نسمع دوى أصواتهم فى أذاننا بألا ننساهم .. ونتذكرهم دائماً و كأنهم لا يعلمون أن حياتنا بدونهم غربة و أن ذكراهم باقية وطيفهم لن يغيب وعملهم شاهد و حاضر و موقعهم شاغر ومكانتهم في القلب لا يشغلها احد …

بعد الفراق يصبح كل شيء بطيئاً تصبح الدقائق والساعات حارقة فأصبحنا نكتوى بنار فراقهم … جرح غيابهم يؤلمنا وكأن بداخلنا شئ يرفض الإعتراف بأنهم رحلوا عن الدنيا وكأن روحنا أبت أن تتقبل رحيلهم المؤلم

الفراق حزن كلهيب الشمس يبخر الذكريات وتنتهى معه حياتك وأنت على قيد الحياة

نحن نعلم ونؤمن أن الموت حق لكن ألم الفراق لا يخف مهما طال الزمن نحن لا نبكي اعتراضاً على حكم الله
لكن نبكي وجعاً من بُعد الفراق…نبكي شوقا لمن سبقونا بالرحيل عن الدنيا

إن الموت حقيقة واقعة يراها البشر جميعاً أمامهم تختلف أسبابه ولكن حقيقته واحدة وهي انقطاع الإنسان عن الحياة الدنيا وانتقاله إلى عالم آخر غير العالم الدنيوى
لذلك لابد لنا من أخذ هذه الحقيقة والعمل عليها تمهيداً لإستقبال حياة أخرى لا فناء فيها.

لا أنكر أن قوة الانسان تتمثل بتقبله للحقائق المؤلمة والصعبة في حياته والتي ليس له أي يد فيها فيواجهها ويكمل بعدها حياته … الشجاع فقط هو من يواجه … وحده الشجاع
فسلام على الذين غادرونا وهم فينا خالدون

ويصبح عزاؤنا الوحيد غداً نلقى الأحبة

شاهد أيضاً

هل التعليم وحده يكفي لتكون غنيًا؟

عدد المشاهدات = 1800 بقلم د – خالد السلامي كتاب “الأب الغني والأب الفقير” – …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.