الأربعاء , 25 يونيو 2025

عزة الفشني تكتب: حادث الأقصر.. طعنة في صدر الشهامة!

= 9539

 

ما حدث في الأقصر من قتل شخص لجاره، وفصل رأسه عن جسده، والتجول بها فى الشوارع، لم تكن الحادثة الأولى من نوعها، فقد وقعت عدة حوادث مشابهة في سنوات سابقة في الإسماعيلية و المنصورة والشرقية والجيزة وغيرها من مدن مصر مع إختلاف التفاصيل.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: كيف وصل هذا التدني الأخلاقي والإنسانى ليس لدى الجانى فقط، بل لدى من صور، ومن شاهد، ومن وقف متفرجا دون ردة فعل، بل انتظر إلى أن تم قتل الضحية وفصل رأسه عن جسده ثم فكر بعمل ردة فعل، وهى تصوير الجريمة لكى يكون له السبق في الحصول على التريند، ونشر الفيديو علي السوشيال ميديا.

فلعنة الله على التريند الذى جعل البشر هكذا .. غلاظ القلوب وأصاب فيهم الشهامة والمروءة من أجل الحصول على (اللقطة)، وأصبح يكسونا البرود حتى علي أرواح بعضنا البعض مكتفين بالمشاهدة والتصوير غير مبالين بإنسان يُقتل بدمٍ بار، فلماذا كل هذا الجبن، وأين ذهبت النخوة والمروءة والإنسانية؟

الأبشع في الجريمة هو حالة اللامبالاة التي أصبحت واضحة في الشارع، وعدم الإكتراث بما يحدث، والإكتفاء بالتصوير، فما ذنب ملايين من البشر لنعرضهم لهذا الأذى النفسى والمعنوى نتيجة مشاهدة حادثة بهذه البشاعة؟ ولماذا قست قلوب البشر فأصبحت كالحجارة أو أشد قسوة؟

إحدى صور اللامبالاة التى وصل إليها البعض في شوارعنا أيضاً عندما يشاهدون رجلا يهين أمرأة أو يضربها فى الشارع يكتفى بعضهم بالمشاهدة، ويسارع البعض الآخر بالتصوير، وهذه صورة غير آدمية وليست أبدا من شيم الرجال .. والكارثة الأكبر أن البعض إذا شاهد شخصاً يعتدي على آخر مثلما حدث مؤخرا في الأقصر يقوم بترك المكان مسرعاً خوفاً من أن يتم القبض عليه لأنه شاهد الواقعة، وخوفاً من أن يظل لفترة طويلة ما بين أقسام الشرطة والنيابات وربما المحاكم..

هذه الثقافة يجب أن تتغير وبسرعة، قبل فوات الأوان، وقبل سقوط المزيد من الضحايا .. لقد أصبحنا بحاجة ماسة إلى إعادة تأهيل للشارع المصرى من كل الأمراض النفسية التي لحقت به، لأن مثل هذه الواقعة باتت تتكرر في مناطق مختلفة، ربما هذه الواقعة وغيرها تم تسليط الضوء عليها، ولكن هناك ما يشبهها وأكثر بشاعة لم يتم تسليط الضوء عليه خاصةً ما يحدث في المناطق الشعبية حيث الكثير من الشباب الذين يتعاطون مختلف أنواع المخدرات المدمرة للعقول، ويقومون بأفعال شاذة يندى لها جبين الإنسانية، ولابد من ضبط هؤلاء التجار قبل المتعاطين.

إن المناخ المجتمعى بات غريبا للغاية، وما يحدث من جرائم وعنف فى عدة مناطق فى السنوات الأخيرة يعد ناقوس خطر يتطلب التعامل معه بقوة وحزم، وعلينا الإنتباه لذلك يجب تشديد الرقابة، وتفعيل العقوبات المناسبة على كل من تسول له نفسه إرتكاب مثل هذه الجرائم.

كل هذه الظواهر غير المألوفة ما هى إلا انعكاس لقلة الايمان، والبعد عن الله، و هذا هو السبب الرئيسي، وما بعده فرعيات،
لا ننكر أنه فى أوقات كثيرة تكون الأحداث متسارعة بشكل كبير، وقد تلجم المفاجأة الكثيرين، والخوف أحياناً لكن ظاهرة تصوير الحدث والإهتمام بذلك هى الكارثة الإنسانية، والحقيقة المؤلمة فى كل حادث، فهل ماتت الإنسانية والرحمة وأصبح الإنسان يأكل لحم أخيه ميتاً؟

والكارثة الكبرى في تأثير مثل هذه الحوادث على أطفالنا.. فمهما حاولنا إبعادهم لكن الإنترنت والسوشيال ميديا لا تدخر جهداً فى إخبارهم بما حدث، ومثل هذه المشاهد تترسخ داخل عقول الأبناء.. فنحن نقترب من أيام الهرج التي تنبأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم

..وما حدث في الأقصر مؤشر خطير يحث أولياء الأمور آباء و أمهات أن يربوا أولادهم على الدين.. وأن يعلموهم الحلال والحرام منذ طفولتهم .. و يزرعوا فيهم الحب والإخلاص والرحمة والغيرة والرجولة لأن الأسرة هي أساس كل شيء فإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع.. بالإضافة إلى أهمية نشر الوعى الدينى خاصة من خلال مناهج التعليم.

شاهد أيضاً

د. عائشة الجناحي تكتب: حين يُصبح البُعد قرباً

عدد المشاهدات = 5959 أحياناً نتساءل لماذا لم تستمر بعض العلاقات بنفس القوة والانسجام؟ ولماذا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.