الخميس , 26 يونيو 2025

عبدالرزّاق الربيعي يكتب: أحلامنا التي تمشي على الأرض

= 1742

كم من كلمة، أو نصيحة، أو جملة سمعها طفل أحدثت تحوّلا في مسار حياته !، وذلك لأنّ ” التعلّم في الصغر كالنقش على الحجر” كما قال أجدادنا الذين اهتمّوا بالنشء الجديد، وأولوهم رعاية خاصّة، فهم، كما وصفهم الشاعر حطّان بن المعلّى بقوله :

وإنما أولادنـــــــــــا بيننـــــــــــــــا
أكبـــــــــــادنا تمشي على الأرض
إن هبــــّــــــت الريح على بعضهم
لم تشــــــــــــبع العين من الغمض

ونظرا لانفتاح العالم بفعل التطوّر التكنولوجي، كثرت هبوب الرياح من مختلف الجهات، لذا وجب الإلتفات لهم، والكشف عن مواهبهم، والأخذ بأيديهم، وتحصينهم ثقافيّا من الرياح السامّة، وتنبيههم إلى أهميّة الحفاط على القيم، والإعتزاز بالموروثات، للدور الفاعل للثقافة، وانعكاساتها على شخصيّة الطفل في المستقبل، وهذا ما أكّد عليه المشاركون في ملتقى “أدب الناشئة ” الذي أقامة النادي الثقافي، الأسبوع الماضي في قاعة النادي بمشاركة عدد من المهتمين، والمتخصصين في الكتابة للأطفال، وحضور عدد من الناشئة ،وطلاب المدارس، فـ”العناية بثقافة الطفل، وأدبه في ظل عالم متغير متجدد تعتبر من أهم مجالات العناية بالتربية في الوقت الحاضر، لأنّ الثّقافة لها دور فاعل، ومؤسس في شخصية الناشئ، فهي التي تكسبه هويته، وتميزه، وتدعم انتسابه إلى مجتمعه”، كما جاء في كلمة الافتتاح.

وترك المحاضرون المجال أمام الحضور، وهم من طلبة المدارس، ليمارسوا دورهم ويظهروا مواهبهم، واعتمدوا في المحاضرات، وحلقات العمل أسلوب الحوار ، والنقاش المفتوح، والمشاركةالفاعلة ، وهذا ما دعا إليه جان جاك روسو الفيلسوف الفرنسي الذي خصص كتابه”إميل” لشرح طرق تربية الطفل، لينشأ سليما، فهو يقول ” أحبّوا الطفولة، وفضّلوا لعبها، ومتعها” داعيا إلى التعليم بواسطة الحواس، واللعب، والمشاركة، وكذلك أشركوهم ببقيّة الأنشطة، فكلمة النادي ألقاها أحد المشاركين من (المدرسة السعيدية)، وكذلك اختاروا طالبة من طالبات إحدى المدارس المشاركة، لتكون مقدّمة الحفل.

أما فرقة هواة خشبة المسرح التي عرضت المسرحيّة الموجّهة للأطفال “بنت الصياد” للمخرج خليفة الحراصي، فقد أشركت من ذوي الاحتياجات الخاصّة بالعرض الذي نهل فكرته الرئيسة من الموروث العماني.

وقد جاءت إقامة الملتقى من شعور النادي بالمسؤوليّة، فالاهتمام بأدب الطفل من شأنه أن يؤهّل الطفل “لكي يكون إنسانًا إيجابيًا في المجتمع، قادرًا على فهم التطور البشري بأسلوب أفضل، فيقبل على ألوان الأدب إنصاتًا وقراءة وسماعًا وتحدثًا” كما تقول د.عزيزة الطائي عضو مجلس إدارة النادي الثقافي،رئيس اللجنة المنظّمة، وليكون سندا للمؤسّسات التربوية، والثقافيّة ، والإعلاميّة التي تساهم بدور في الكشف عن مواهب الأطفال، وتنميتها كما يفعل مركز الدراسات ، والبحوث بمؤسّسة عمان للصحافة بتنظيمه فعاليّته السنويّة” صيف المواهب”، وهذا ليس بالأمر الهين فهو يتطلب جهودا ، وقدرات خاصّة ، فـ” التعامل مع الناشئة يحتاج إلى بحث، وجهد كبير كون أن هذه الفئة تحتاج الكثير من العناية، والاهتمام، إضافة إلى التعرف على تطلعاتهم، وآرائهم، واكتشافاتهم، فهم لديهم مشاريع، وأحلام متجدّدة” كما يقول الفنان، والكاتب محمود أبو العباس، وأمثال هذه الملتقيات من شأنها احتضان هذه المشاريع، وأحلام أحلامنا التي “تمشي على الأرض” .

شاهد أيضاً

“نهايات..بلا نهاية”… بقلم: ضحى أحمد الباسوسي

عدد المشاهدات = 1647 يائسٌ… لا ذاك الذي بكى خذلاناً، بل الذي جفّت دموعه من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.