الأربعاء , 25 يونيو 2025

“ربما.. فقط ربما”… بقلم: ضحى أحمد الباسوسي

= 3754

كان يمضي في طريق مظلم لا ينيره سوى ضوء عمود إنارة ضعيف، ف تجده يقف تحته ويتساءل “ما الذي يبقيني مستمرًا؟” وكأن الرياح تهامس أوراقه المتساقطة: هل انا مستمر لأنني أحب الطريق، أم لأنني أخشى التوقف؟”

ها هو يتقدم بخطى تتعثر أحياناً، وكأن الأرض تحت قدميه ليست سوى سراب يطارد غيمته التي هجرها المطر. يحمل حلماً في قلبه، حلماً غريباً، لا يشبه النجوم التي يهتدي بها البحّار، ولا الشمس التي تصنع النهار، لكنه أشبه برسم على صفحة الماء، يراه بوضوح، لكنه يتلاشى كلما اقترب.

يحمل على ظهره حقيبة مليئة بالأسئلة، ويترك وراءه آثار أقدام حروفه “لماذا؟ كيف؟ إلى أين؟” ولكنه لا يملك جواباً، ولا يبدو أنه يبحث عن واحد. كلما عصف به التعب، تذكّر أن الطريق نفسه صار جزءاً منه، وأن الحلم الذي يسكن قلبه، رغم غموضه، هو النار التي تُبقيه دافئاً في ليالي الوحدة الطويلة.

يسأل نفسه مرة أخرى “أأنا أسير لأنني أخاف مواجهة المرآة؟ أم لأنني أؤمن أن الضوء لا يأتي إلا من نهاية الطريق؟” صار وكأنه غريبٌ عن كل شيء، حتى عن نفسه، ومع ذلك، يحمل قلباً يصرخ في صمت “استمر!” كأن الكون يتآمر ليبقيه حيّاً، ولو كان على حافة الهاوية.

يرى الأشجار وكأنها تهمس له بأغصانها المتشابكة “نحن نكبر رغم الريح، فلماذا تخشى أنت؟” ينظر إلى السماء الرمادية، فيقرأ بين الغيوم المبعثرة رسالة غامضة “الحلم ليس أن تصل، بل أن تستمر في السير رغم أنك لا ترى الطريق كله.”

هو، ذلك المتسائل، لا يملك إلا قدميه وذاك الحلم الذي لا يعرف ملامحه، ومع ذلك يمضي. وكأن السؤال ذاته هو الجواب، وكأن كل خطوة يقول فيها قلبه: ربما… فقط ربما.

شاهد أيضاً

سهير عمارة - كاتبة 023

“مسرح الحياة: حين ينتصر الزيف وتُغتال الحقيقة” بقلم: د. سهير حسين عمارة

عدد المشاهدات = 4397 الحياة ليست سوى مسرح كبير، تتعدد عليه المشاهد، وتتشابك فيه الأدوار، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.