الأحد , 24 أغسطس 2025
الطبيبة الشاعرة سحر كرم.. والأديب المهندس صابر الجنزوري

رؤية تحليلية حول رواية الكاتب صابر الجنزوري “سنوات خادعة”

= 791

 

هذه رؤية تحليلية وقراءة
اعكس فيها وجهة نظري حول أحداث الرواية ، وبداية أقول :
ألف مبروك للكاتب الروائي المتميز المهندس والناقد/ صابر الجنزوري
صدور روايته الجديدة سنوات خادعة.
استمتعت بقراءة الرواية التى تحكي تاريخ مصر وتاريخنا الشخصي وليس فقط تاريخ ابطال الرواية ..
عمل ممتع وشيق وبأسلوب مبسط وسلس.
رواية (سنوات خادعة) الحاصلة على مشروع منحة التفرغ بالمجلس الأعلى للثقافة المصرية لعام ٢٠٢٢ وقد صدرت الرواية عن دار نشر سنيورز
Seniors
وقد تمت مناقشة الرواية
بالمجلس الأعلى للثقافة بدار الأوبرا المصرية
يوم الأربعاء ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٤
وأدارت الندوة
دكتورة / إيمان نجم وكيل وزارة الثقافة.
الدكتورة أماني الجندي وبإشراف
مدير النشاط الثقافي ومنح التفرغ
بالمجلس الأعلى للثقافة مع أسرة النشاط بالوزارة
أستاذة / أمل وهبه وأستاذة فادية وهدان
والأستاذة مروة حنفي ؛ وسط حشد كبير من الوسط الثقافي والنقاد الكبار منهم:
الأستاذ الدكتور شريف الجيار أستاذ الأدب المقارن والنقد بكلية اداب بني سويف وعميد الكلية السابق وأمين عام لجنة العلاقات الخارجية باتحاد كتاب مصر ، والمؤرخ والكاتب الصحفي ورئيس مجلة الهلال السابق الأستاذ محمد الشافعي ، والأستاذ الدكتور محمد عليوة استاذ الأدب المقارن والنقد بكلية دار العلوم جامعة القاهرة ، والروائي الناقد أحمد محمد جلبي عضو اتحاد كتاب مصر.

غلاف الرواية

وقد تناول الجميع الرواية واعتبروها من أهم الأعمال التى أرخت لأهم فترة فى تاريخنا المصري والعربي حيث تناولت عقد التسعينات كما تناولت ثورة ٢٥ يناير وثورات الربيع العربي وتوقفت عن صباح ثورة ٣٠ يونية ٢٠١٣.
بداية من العنوان :
نجد أن العنوان موفق
“سنوات خادعة”
باعتبار أن العمر ما هو إلا سنوات تمضي خادعة ، وإذا تأملنا
(تصميم الغلاف الرائع نجده من إبداع الفنان التشكيلي المبدع الأستاذ أمين الصيرفي) الذى صدر للمتلقي رمزية عجلة التاريخ وآلة الزمن مرورا بالسنوات الخادعة كحقبة تاريخية معينة مرت على مصر ليس على المستوى التاريخي والسياسي لربط الفكرة بالغلاف..
ثم الأرقام التى لها دلالة تاريخية ( 7000 ، 1952، 2011) ثم نظرة العين الثاقبة على العمر
و التاريخ.
بطل الرواية (سمير المحمدي) الشخصية الوطنية المثقفة التى تمر بتغييرات عديدة وتتفاعل مع الأحداث وتتطور فكريا وتؤمن بنظريات فلسفية وسياسية وتتحول من الشك إلى اليقين ويحكم الحب والأخلاق تصرفاتها،
لذلك نجد هناك جوانب بالدرجة الأولى أهمها الجانب
(انثروبولوجي والسيكولوجي) التى تفسر
خبرة الإنسان منذ الأزل والمجتمع الذي يخوض الحروب والصراعات والتقلبات المختلفة وبالدرجة الثانية نجد الأثر السيسيولوجي ، فالأدب لا يولد إلا من عمق الصراع بين ماهو ذاتي وما هو اجتماعي حيث يعيش مبدعه في حالة صراع دائم مع المجتمع فيقترب مفهوم التحول الاجتماعي من مفهوم التغيير الاجتماعي ، انه ذو طبيعة كلية شاملة تؤثر على مختلف جوانب المجتمع في ثقافته ومنظوماته القيمية وفي أوضاعه الإجتماعية وهى التحولات التي قد تؤدي إلى بنية إنسانية او شخصية جديدة.
وإذا توقفنا عند الاهداء ، نجد الكاتب قدم إهداء شاملا عاما للإنسانية جمعاء ؛ إلى كل دعاة الحب والحق والخير والجمال والأخلاق والى دعاة السلام والعدل والحرية وإلى أصحاب الرسالات والفكر والتنوير وتجمعهم الإنسانية في كل زمان ومكان وإلى شهداء الوطن الأبرار الذين ضحو بأرواحهم من أجل بلادهم.
وإليك عزيزي القاريء في كل وطن وكل زمان ، هناك عمق ورسالة في الإهداء الذي قد يبدو عاديا ، لكن لو تأملنا لتوقفنا كثيرا عند كلمات التنوير والرسالات ، فهناك رسالة غير مباشرة يقدمها الكاتب منذ البداية.
واذا انتقلنا للسرد نقول:
الراوي كان موفقا في سرد تعدد المشاهد الدرامية المختلفة في إطار رومانسي إجتماعي سياسي تاريخي لفترة زمنية عاشها الجميع ، والفترة الزمنية لغزو العراق مدينة الكويت ولحظة مرت بها كل الأسر ومشهد درامي بالتأثر العاطفي لأغنية المطرب عبد الله الرويشد عاشه الجميع ، وقلق الأب والأم على ابنهما الوحيد رغم لحظات الرومانسية ، ومشهد اجتماعي بين زملاء العمل بالالتفاف حول مباراة كرة القدم وتشجيع مباريات المنتخب المصري والنادي الاهلي رغم تباين واختلاف الطباع والآراء،
واختيار ثلاث فئات من شباب من المجتمع تجمعهم الصداقة والمرح ، فنجد، الطيب والعبوس المتجهم والمثقف المهتم بالقراءة وبالسياسة والثقافة والفلسفة ،ونجد رغبة الغرب بتفكيك العرب بداية من غزو العراق للكويت وربط الأحداث بعودة (هاشم ) أحد أبطال الرواية مفلسا مريضا منكسرا كحال هزيمة النكسة و٦٧ ، وحرب إيران والعراق وغزو العراق الكويت بالطعم الأمريكي.
ثم يتطرق الكاتب إلى أزمة البطالة والبحث عن العمل بالسفر والصعوبات و الغربة وذكريات الشباب وحب الجامعة بين الأصدقاء حتى مع اختلاف الديانة.
الرواية تبدو من اسمها
( سنوات خادعة)
سيكولوجية واجتماعية وواقعية رومانسية
تغوص في عمق الذات عبر التاريخ .
فكان من المشاهد الإنسانية المؤثرة التى تجعل المتلقي يذرف دمعة بتلقائية شديدة عندما يقرأ كانه يشاهد ويتأثر مع
(مرض نانسي بالسرطان ) وكأن الزمن قد توقف وما هو إلا لحظات نعيشها والنهاية حتمية لكل البشر.
فعندما يبهت الزمن يصبح لا معنى له وكل السنين لا معنى لها.
ومرورا بحيثية تاريخية موثقة مرت على مصر ، مرورا بعهد الريس أنور السادات وحسني مبارك وتلميحا وليس تصريحا بعهد الرئيس جمال عبد الناصر وأحوال البلاد السياسية والتاريخية على مر هذه العصور حتى انتهى بنا إلى فترة الإرهاب والثورة والإنتخابات وحكم الإخوان في نهاية مفتوحة يقولها بطل الرواية ليقدم معادلة منطقية ومعادلا موضوعيا لصديقه الإخواني الذي قال له:
انهم سوف يحكمون مصر 500 عام وكان يهتف فى ٢٥ يناير ضد الجيش الذي كان يحميه ويحمى مصر كلها في ذلك الوقت. فنجد سمير المحمدي الفيلسوف كما يطلق عليه أصحابه
والرومانسي الهادىء، يثور وينفعل
ويقول :
( يسقط ؛ يسقط حكم المرشد).
الكاتب هنا انتهى عند صباح ٣٠ يونيو ؛ وعند السؤال الذي بدأ به الرواية مع صديقه هاشم ومع صديقه منير مرة أخرى وكانه أخذنا فى دائرة السنوات التى دارت وعادت عند نقطة البداية ،
عندما سأله هاشم ماذا سيحدث لنا بعد عشرين عاما؟
وعندما أخبره منير:
” سنحكم مصر بعد ٣٠ عاما “
وكأننا أمام ما يسمى بدائرية النص والعودة من النهاية إلى البداية.
قال سمير : لعلك وجدت الإجابة ياهاشم،
الفتنة لا تهدا والصديق أصبح عدوا.
الرواية تغوص بنا في سلوكيات البشر على مراحل تاريخية مختلفة،
مرت علينا جميعا وفي بلاد عربية
في اطار اجتماعي سياسي بين الحب
والتضحية والنرجسية والكذب والصدق
وأيضا المفارقة بين طبيعة الأشخاص
وأفكار وسلوكيات البشر المختلفة عبر فصولها المختلفة.
الرواية مكونة من
(٢٠عشرين فصلا)
في نهاية كل فصل رسالة من أبطالها وفكرة علي لسان الراوي تمهد فى ترابط دون أن تصرح لما يستجد من احداث غير متوقعة فيكون التشويق واستدراج المتلقى لمعرفة ماذا سوف يحدث؟
كذلك
تسير الرواية بطريقة سردية ممتعة ، وعلي الرغم من استخدام الكاتب لغة الفصحى في الكتابة لكنها سلسة وسهلة الفهم بالنسبة للقاريء.
الكاتب تعمد
استخدام الرموز تارة ، واستخدام الشخوص تارة أخرى فى تحريك الأحداث ليصل بنا إلى فكرة مرور العمر والسنوات الخادعة
من خلال مواقف حياتية ومجتمعية وسياسية أيضا ما بين الشرق والغرب والطغيان بالخديعة كفكرة .
ليس السياسي فقط حول المعني والمضمون فقد
تعمد الكاتب إلى سرد الرسائل الاجتماعية و السياسية وتطرق إلى الفساد الاجتماعي والصحي والأخلاقي وأزمة الشباب والبطالة والهروب بالبحث عن العمل في الخارج والسفر حتى الرسائل الرومانسية الهامة قدمها فى ثوب رومانسي أخلاقي راق جدا.
وبرغم كثرة الأحداث والمواقف الكثيرة التي حدثت داخل البلاد وخارجها لكن يوجد ترابط منطقي بين جميع الأحداث وتكثيفها بحيث لا يشتت ذهن القاريء.
كشفت الرواية أيضا عن
رواية من طراز تاريخي سياسي اجتماعي رومانسي فريد لتستحق القراءة بتركيز شديد وتأمل عميق.
كما كان الكاتب موفقا في اختيار كلمة ظهر الغلاف المعبرة عن الصراعات النفس البشرية وواضح من اختياره
لاسم ( نانسي) بطلة الرواية اختلاف الديانة وهي التى تقول :
العادات والتقاليد والدين ماهي إلا قيودا تمنعنا من تحقيق أحلامنا ، أحلم أن اكون حرة وأطير مثل عصفورة وأحلم بوحدة العالم والحرية لكل البشر .
ومن الرومانسية الشاعرة ينقلنا الكاتب
إلى الأبيات الرومانسية من قصيدة
نزار قباني :
حبك مشيئة الله التي لا تقهر كل الذي أعرف يا حبيبتي أنك ياحبيبتي “حبيبتي” وأن من يحب لا يفكر.
واخيرا نبارك هذا العمل وأهنئ الروائي القدير المهندس صابر الجنزوري.
قراءة لرواية سنوات خادعة
—————
بقلم الطبيبة الشاعرة
د/ سحر كرم
22 أغسطس 2025

شاهد أيضاً

أماكن لها تاريخ: قبة ومدرسة الصالح نجم الدين أيوب

عدد المشاهدات = 8514 للكاتبة : هبه محمد الأفندي المنشأ: بأمر من الصالح نجم الدين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.