الأحد , 15 يونيو 2025
د. عائشة الجناحي

د. عائشة الجناحي تكتب: التشتت الرقمي: كيف ننجو؟

= 5407

 

كم مرة أمسكت هاتفك لترد على رسالة أو تبحث عن معلومة، ثم وجدت نفسك بعد 30 دقيقة تتنقل بلا هدف بين مواقع التواصل الاجتماعي؟

أحياناً يكون أمامك العديد من المهام والمشاريع التي يجب إنجازها في وقت محدد، لكن ما إن تبدأ باستخدام الإنترنت حتى تنغمس في الإعلام الرقمي، وتمضي الساعات سريعاً، لتتفاجأ بأنك لم تُنجز معظم ما كنت تخطط له. فتتراكم المهام، وتزداد الضغوط، وتبدأ بالتضحية بأوقات المتعة والراحة، حتى إنك لا تستمتع بعطلتك مع الأهل والأصدقاء، لأنك تحاول تعويض ما فات. وهكذا… لا أنجزت عملك، ولا استمتعت بوقتك.

لكن السؤال الأهم: لماذا كل هذا التشتت؟ ولماذا هذا الضعف في الإنجاز؟

لقد صُمّمت أغلب تلك التطبيقات بأسلوب يهدف إلى الجذب المستمر، وهذا ما يفسّر تمريرنا اللانهائي للمحتوى، سواء أكان سلبياً أم إيجابياً، حتى أصبحت هي من تستخدمنا، لا نحن من نستخدمها. ومع مرور الوقت، تبدأ بملاحظة تراجع تركيزك وضعف إنتاجيتك، يلي ذلك شعور بالإنهاك، وتراجع في جودة العلاقات الاجتماعية بسبب الانعزال وضعف التواصل.

لذلك، فإن ترويض النفس ووضع خطة عملية يُحدثان أثراً بالغاً في مواجهة هذا التشتت.

ومن بين هذه الخطوات: تحديد وقت واضح لاستخدام الأجهزة، مثل تجنّب الهاتف بعد التاسعة مساءً، وإلغاء الإشعارات غير الضرورية وممارسة التأمل أو الجلوس في صمت لبضع دقائق يومياً لاستعادة التركيز والانتباه. ولا يقلّ أهمية عن ذلك تعزيز الروابط الإنسانية خارج الشاشة، لأن التواصل الحقيقي هو ما يرمّم داخلنا ما تهشّمه ضوضاء العالم الرقمي.

الوعي الرقمي لا يعني العزلة عن التكنولوجيا، بل يعني أن تكون أنت من يستخدمها، لا أن تكون ضحيتها.

ففي عالمٍ سريع الإيقاع، متصل على مدار الساعة، يصبح الحفاظ على التركيز والهدوء الداخلي ضرورة وجودية، لا ترفاً، وشرطاً أساسياً لحفظ التوازن، ولا رفاهية يمكن تأجيلها.

فلنُدِر وقتنا الرقمي بوعي، لأن من يملك انتباهه… يملك زمام حياته.

—————————————————-
* كاتبة ومدربة في مجال الأسرة والأبناء – دولة الإمارات.

شاهد أيضاً

مدرين المكتومية تكتب: مركز وطني للأبحاث والدراسات

عدد المشاهدات = 1422 مدرين المكتومية في الكثير من زياراتي الخارجية والتغطيات الإعلامية التي أقومُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.