الخميس , 19 يونيو 2025

د.سناء الجمل تكتب: كيف تصنع حظك بيديك؟

= 4330

عندما سئل نابليون بونابرت عن سر انتصاراته الدائمة فى الحروب قال ” أنا والحظ والحظ”, وعندما قتل القائد رينيه ديزييه أحد أقوى قادة جيوشه فى إحدى المعارك قال ” اكتبوا على قبره رينيه ديزيه القائد الذى حالفه الحظ 45 مرة وتخلى عنه خمس دقائق” , ولكن كيف لقائد فى مثل مكانة نابليون التاريخية أن يعتمد على فكرة الحظ , أجاب نابليون أنه كان يرى بسالة الشعوب التى يغزوها فى الدفاع عن أرضهم وأوطانهم ولكنه كان يتفوق عليهم فى القوة العسكرية وهذا سبب مهم ولكن شعوره بأنه يأخذ ما ليس من حقه كان يخيفه ويجعله يرى أن الحظ هو الذى ينقذه.

قد تصدق أفكار نابليون بنسبة من 1% إلى 5% فقط وهم من نسميهم بالمحظوظين ولكن تظل هناك نسبة 95% من أسباب النجاح فى الحياة معتمدة على عوامل أخرى وإلا لو كان الحظ هو العامل الأساسى للنجاح لظل أكثر من 90% من البشر فى عداد الفاشلين والفقراء وهذا ليس صحيحا على الإطلاق.

فى الحقيقة إن من يعتمدون على الحظ وينتطرون تحقيق أحلامهم بضربة واحدة يظلون دائما عالقين بالقاع ولا يصعدون إلى القمة إلا فى أحلامهم فقط , ببساطة لأنهم يظلون غارقين فى أحلام اليقظة ثابتين فى منطقة الراحة ولا يفعلون أى خطوة تقودهم إلى الأمام , فالحظ يعنى الصدفة أو الفرصة وهذا لا يتسنى للبشر الذين لا يسعون ولا يجتهدون فى حياتهم , حتى الفرصة والصدفة تحتاج منا للإجتهاد والسعى حتى نقابلها فى طريقنا أى أنك أنت من تجد حظك وتصنعه بيديك.

قبل ما يقرب من 350 عاما قبل الميلاد طرح الفيلسوف اليونانى “أرسطو ” ما عرف بعد ذلك بالقانون الأساسى للفلسفة الغربية والفكر الغربى بالكامل وهو قانون” السببية” ، ففى الزمن الذى كان معظم الناس فيه يؤمنون بارباب متعددة ويعيشون فى الكهوف والجبال كما يؤمنون بمبدأ اللاسببية والتأثيرات الاعتباطية فيما بين الأزهار والأشجار والحجارة وبنى البشر ، فى هذا الوقت طرح أرسطو مبدأ “السببية “،فقال أننا نعيش فى عالم منتظم ومحكوم بقوانين كبيرة وثابتة وأصر على أن هناك سببا لكل شىء يحدث ، ونحن اليوم نسمى هذا القانون ” السبب والنتيجة “، ونستخدمه ونقبل به كوسيلة لا غنى عنها لتفسير ما يحدث فى عالمنا.

ويعمل قانون السبب والنتيجة فى كلا الاتجاهين فإذا ما وقع أى أثر فى حياتك مثل النقص فى المال أو زيادة وزنك أو مشكلات فى علاقاتك أو شغلك لأى مهنة غير مشبعة لك نفسيا أو أية معضلة أخرى فبإمكانك تتبع هذا الأمر عكسيا للوصول إلى الامور التى قمت بها فأدت إليه ، وبإزالة هذه الأسباب يكون بوسعك التخلص من آثارها والمضى قدما فى طريق النجاح.

وببساطة فإن الأشخاص الناجحين والأصحاء و الأثرياء هم أولئك الذين وضعوا أيديهم على المبادىء التى تحكم حياتنا ، وصاغوا حياتهم بحيث تنسجم مع هذه المبادىء ، وعلى هذا فإنهم يعايشون قدرا أوفر من البهجة والإشباع فى الحياة وينجزون خلال أعوام قليلة أكثر بكثير مما يقوم به الشخص المتوسط فى عمر كامل.

ولعلك تعلمت فى سنوات دراستك قانون الفعل ورد الفعل ل “إسحاق نيوتن” والذى ينص على أن ” لكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه” وهو من أهم قوانين الفيزياء أى أهم القوانين التى تحكم الطبيعة فلكل فعل عواقبه بمعنى أن لكل سبب نتيجة تنتج عنه وتلك أيضا قوانين الناجحين الذين يحسبون عواقب كل تصرف يقومون به وذلك لأنهم قد وضعوا التخطيط المسبق الذى يعود عليهم بالنتائج التى يتوقعونها ويهدفون إليها ولهذا السبب فهم أكثر وعيا لما يقولون وما يفعلون وبعواقب كل عمل يقومون به، بما يفوق وعى الشخص العادى بهذه العواقب.

وعلى الجانب الآخر يميل الفاشلون إلى الطيش فى التصرف والعشوائية فى القرارات بل وإلى اللامبالاة بما يقولون وما يفعلون ولا يهتمون أصلا بما قد ينتج عن تلك الأقوال والسلوكيات, فإذا كنت تعمل فى وظيفة تتطلب التواصل مع العملاء فإن قيامك بالمهام اليومية وتقديم عروض شركتك ومتابعة العملاء الحاليين وتنمية مهاراتك التسويقية وعلاقاتك الاحترافية ستقودك إلى تحقيق دخل مادى أعلى وتشعرك بالفخر الشخصى وتحقق لك قدرا كبيرا من الاشباع النفسى والرضا عن مهنتك، وهكذا كلما زاد مقدار ما تنخرط فيه من المهام ، زادت النتائج الجيدة التى سوف تتمتع بها وبالتالى سيكون نجاحك تحت سيطرتك تماما ولن تتبع مسألة الحظ على الإطلاق.

وإذا كنت تعمل فى مجال الإدارة مثلا فإن قيامك بالمهام اليومية من تخطيط واع وتنسيق لأعمالك قبل الشروع فيها وانتقاء الأشخاص المناسبين للوظائف والمهام والتفويض الفعال والإشراف الذكى والتنفيذ الحيوى للمهام والواجبات الملقاة على عاتقك فسوف يعمل هذا كله على نجاحك فى عملك دونما أدنى علاقة للأمر بالحظ , وبنفس الطريقة يعمل قانون الزرع والحصاد نفس عمل السبب والنتيجة فمن زرع حصد وبحسب هذا القانون فإن ما تزرعه وتغرسه من أفعال وأفكار تحصد ثمارها كنتائج لما زرعته ، فمهما كان ما تحصده اليوم فما هو إلا ثمرة ما زرعته فيما سبق ، فحياتك اليوم فى كل شأن من شؤونها هى نتيجة سلوكياتك وقراراتك السابقة.

إن قوانين السبب والنتيجة والفعل ورد الفعل والزرع والحصاد هى حقائق أزلية ومبادىء عالمية قد وجدت منذ فجر التاريخ ويشار اليها كقوانين ثابتة تحكم المصير الإنسانى وكل النجاح والسعادة والثراء وأكبر الإنجازات تنبع من تنظيمك لحياتك بما ينسجم مع تلك المبادئ الأزلية، فحين تقوم بذلك ستنال الإشباع والرضا والمتعة بمستويات يندر أن يجربها الشخص العادى وستكون مسؤولا مسؤولية تامة عن صنع حياتك وبناء مستقبلك وبطبيعة الحال سيبدأ الآخرون فى الإشارة إليك كواحد من سعداء الحظ.
———————————————–
* استشارى الإرشاد النفسى وتطوير الذات.

شاهد أيضاً

الوداع الصامت: حين تنسحب المرأة فى صمت وقوة

عدد المشاهدات = 790 بقلم / شاهندا البحراوى مراحل انتهاء العلاقة عند المرأة اللى دايما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.