كشفت الأجهزة الرقابية فى السنوات الماضية عن تورط بعض المسئولين داخل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة فى وقائع تربح وفساد، حيث سهّلوا حصول شركات ومطورين على أراضٍ بعينها، بينما عرقلوا إجراءاتٍ مماثلة لأفراد آخرين فى ظروف مشابهة. ورغم أن هؤلاء المسئولين تمّت محاسبتهم، إلا أن اللوائح التى صاغوها ما زالت تُطبق حتى اليوم وكأنها نصوص مقدسة غير قابلة للتعديل، مع أنها مجرد اجتهاداتٍ بشرية وُضعت لخدمة مصالح محددة، ويمكن تطويرها لتخدم مصلحة الدولة والمواطن معاً.
معالى الوزير شريف الشربينى، منذ أن أسندت إليكم وزارة الإسكان دخلتم إلى عش الدبابير، حيث تتشابك مصالح سماسرة وأصحاب نفوذ اعتادوا على تعقيد الأمور وترسيخ فكرة أن «القوانين لا تسمح»، بينما الحقيقة أن الحلول موجودة وبسيطة، ولا تحتاج إلا إلى إرادة حاسمة وتغيير للوائح بالية اختلقها البعض ليبقى لهم دور دائم ومصلحة مستمرة، وكأنهم من يعرفون «سر تحضير العفريت وصرفه».
وهنا يطرح التساؤل نفسه: ماذا يضير الدولة لو حُلّت كل النزاعات المتعلقة بأراضيها مع المواطنين، سواء كانوا من واضعى اليد أو أصحاب الأراضى الزراعية؟ أليس إنهاء الخصومة هو الباب الملكى لتمكين الدولة من تخطيط مساحات واسعة، وبعث العمران فى صحارى لم تمتد إليها يد التنمية؟ الدولة تسخر كل إمكانياتها للمستثمر الأجنبى لينجح مشروعه، فلماذا يُعاقب المواطن المصرى، ابن هذه الأرض وصاحب الحق الأول فيها؟
إن أراضى مدينة 6 أكتوبر الجديدة يمكن أن تتحول إلى نموذج للحل العادل والمربح معاً: أن يحصل الحائزون على 25% فقط من الأرض كاملة المرافق عبر التقنين العينى، بينما تبيع الدولة الـ 75% المتبقية كقطع مرفقة للمصريين المغتربين بالدولار، مع إلزامهم بمهلة بناء وفق المخطط العام للمدينة. وبهذا القرار تحقق الدولة مليارات الدولارات، وتستعيد ثقة المواطن، ويُطوى ملف نزاع استمر لعقود طويلة.
الرهان اليوم على قراركم يا معالى الوزير: أن تُنصفوا المواطن قبل أن يربح السمسار.
——————-
* مدير تحرير أخبار اليوم.