يعتقد بعض المؤيدين لفكرة اعتماد التوكتوك كوسيلة مواصلات فى الشوارع الجانبية بالمحافظات والقرى فى مصر، أنه الحل المثالى والبديل المتاح للتاكسى داخل الشوارع الضيقة وغير الممهدة أو كثيرة المطبات، ولم يدركوا أنه فى الحقيقة كان سببًا رئيسيًا فى تعطل الكثير من المصانع عن العمل وفقدان الآلاف من العمال والفنيين المدربين، الذين وجدوا فى التوكتوك ضالتهم فى توفير بديل مجزٍ للعمل اليدوى والحرفى المرهق فى المصانع، خاصة أن التوكتوك يضخم شعور سائقه بذاته، فيشعر بأنه قائد سيارة «لامبورجينى».
فهو المتحكم فى بداية ساعات العمل على التوكتوك وهو من يقرر متى ينتهى وهو بذلك يتخلص من التقيد بساعات عمل محددة تبدأ فى الصباح الباكر وتنتهى بعد ٨ ساعات عمل كما هو الحال فى المصانع، كما أنه يفرض الأجرة على الزبون، فيحقق مكاسب خيالية لا يمكن بحال من الأحوال أن يحصل على نصفها من العمل فى المصانع، وهنا بدأت العمالة الفنية فى التسرب من العمل فى الصناعة، للعمل كأصحاب أعمال فى مملكة التوكتوك، وبالطبع أصبح هناك من يمتلك توكتوك واتنين وثلاثة وربما أكثر لتحقيق مكاسب أكبر، وهو ما يفسر هذا الانتشار السرطانى لهذا الكائن البغيض فى الشوارع بهذه الصورة الفجة التى أصبح عليها.
نعم التوكتوك علة وليس علاجًا، لأنه كان السر فى تسرب الكثير من تلاميذ المدارس الابتدائية والإعدادية من التعليم للعمل عليه، لتحقيق دخل يومى لن يحصل عليه خريج الجامعة الذى يجتهد ليبدأ حياته فى أى وظيفة.. ولهذا فالتوكتوك هو حل مثالى وسهل لتحويل تلميذ المدرسة إلى بلطجى صغير ليجيد التعامل مع زباين التوكتوك، ويجارى زملاء مهنته الجديدة التى تفرض قوانينها وألفاظها وتعاملاتها على من يحصل على عضوية عالم التوكتوك !
يا سادة يا كرام.. التوكتوك علة تنخر فى مفاصل المجتمع المصرى ولن يكون أبدًا علاجًا للبطالة ولا لحل مشكلة المواصلات فى الشوارع المهترئة، فمع انتشاره تنتشر كوارث اجتماعية كبيرة خطيرة داخل نسيج مجتمعنا تهددنا جميعاً بأنواع غير مسبوقة من الجرائم والظواهر المفزعة التى ستظهر تباعا ولن يتحملها أحد… وكلى أمل أن توقف الدولة انتشار التوكتوك قبل أن يتحول من علة قابلة للعلاج إلى مرض عضال لا يمكن الشفاء منه.
——————————————-
- كاتبة المقال مدير تحرير أخبار اليوم.