ليس هناك أصعب من قرار الحفاظ على الحياة، فهو قرار لا يقبل القسمة على اثنين، وحين يواجه الإنسان خطرا مفاجئنا، يكون أول وأسرع قرار يتخذه، وينفذه فورا، وبلا تردد، هو قرار إنقاذ حياته، وإبعاد نفسه عن الخطر الذي يهددها، ويحدث هذا بوضوح عند وقوع الزلازل، أو نشوب الحرائق، أو التعرض للغرق.
هذه الطبيعة البشرية رغم إنها تشكل حقيقة ثابتة وراسخة، إلا إنها تشهد بعض الاستثناءات أحيانا، حين يواجه إنسان تهديدا ما، فيقرر مواجهة التهديد، مضحيا بنفسه، من أجل إنقاذ الآخرين، وهنا تكمن البطولة، ولولا هذا ما تكلم كل هؤلاء الذين تحدثوا وكتبوا عن البطل خالد محمد شوقي، الذي ضحى بحياته من أجل إنقاذ مدينة العاشر من رمضان، من كارثة محققة، ضاربا أروع الأمثلة في التضحية والفداء.
الموقف الذى اتخذه البطل خالد شوقي حين شاهد سيارة نقل البنزين تحترق، فقرر قيادتها وابعاد خطرها عن محطة البنزين، ليس فقط ضد الطبيعة البشرية التى تجنح عادة نحو الافلات من الخطر، لكنه يندرج تحت راية البطولة والفداء، وهي راية ربما أصبحت من النوادر في زماننا هذا، فكان أن لقي هذا المواطن الفدائي ربه بعد أيام من الحادث، ونحتسبه عند الله شهيدا، لأنه ساهم في إنقاذ أرواح أخرى كثيرة لا يعلم عددها إلا الله سبحانه وتعالى.
إن تواصل قرينة السيد الرئيس مع أسرة الشهيد خالد شوقي، وتعزيتها لهم، ونعي رئيس الوزراء لهذا البطل، وتعزية محافظ الدقهلية لأسرته، وكذلك تعازي وزير البترول، ووزير العمل، وإطلاق اسمه على أحد شوارع العاشر من رمضان، ودعم وزارة البترول والثروة المعدنية لأفراد أسرته بتخصيص وديعة بقيمة مليون جنيه لدى جمعية الأورمان، ليستفيدوا من عائدها، وتعيين فردين من أسرته في إحدى شركات البترول، كل هذا من المؤكد أنه سيخفف من وطأة المصيبة على أسرته وذويه، وسوف يساهم في توفير الاستقرار المادي لهذه الأسرة، التى فقدت عائلها الوحيد لكن الله عوضها بما يضمن لها حياة كريمة بعد رحيل الأب والزوج.
نعم..هناك العشرات يموتون يوميا على الطرقات، وفي أماكن العمل، وهؤلاء لهم منا كل الإشادة والاحترام، ولأسرهم وذويهم كل العزاء والمساندة، لكننا نسلط الضوء على نموذج مثل خالد شوقي، لأنه مات لينقذ حياة العشرات غيره، كما انه رحل عن عالمنا في صمت تاركا لنا إرثا جميلا من القيم النبيلة التى صرنا نفتقدها، ونتوق إليها في مجتمعنا.