✍صفاء مكرم
فى قديم الزمان كان الجن مستخلفين فى الأرض ، وهم مخلوقات رقيقة خلقهم الله من أطراف اللهب حجمهم أقل من البشر ، أعطاهم الله قدرات خاصة مثل الطيران والتنقل والغوص في أعماق المحيطات والتشكل على هيئة جميع المخلوقات وقد خلقوا قبل البشر، وهم مكلفون مثل البشر ويعرفون الفرق بين الخير والشر، وكان لهم شرع وكانوا يعبدون الله وكانوا منتشرين فى الأرض ولكنهم ابتعدوا شيئا فشيئا عن أوامر الله وانتشرت الفواحش بينهم وعم القتل والفساد فى الأرض ؛ فحل عذاب الله عليهم وسلط الله عليهم الملائكة فحاربتهم وجلتهم إلى البحار، وكان من بين الجن طفل صغير جميل الشكل عابدا لله ومخلصا له سبحانه وتعالى أخذته الملائكة معهم إلى السماء واسمه عزازيل ،عاش مع الملائكة وكان له منزلة عظيمة : كان له سلطان الأرض وسلطان السماء الدنيا ، ولكنه مختلف عن الملائكة لأنهم مسيرين وليسوا مخيرين.
وأتت لحظة قلبت الموازين وهى اللحظة التى استخلف فيها الله عز وجل آدم ليعمر الأرض فخاف الملائكة من إفساد الأرض مرة أخرى وقال لهم الله عز وجل ” إني أعلم مالا تعلمون” ، وخلق الله عز وجل آدم عليه السلام وخلقه مر بمراحل ولما رآه عزازيل ارتعب وفهم أن هناك مخلوق جديد وعظيم فحقد عليه وظل يبحث عن نقطة ضعفه إلى أن وصل أنه يستطيع أن يوسوس لآدم.
أمر الله الملائكة بالسجود لسيدنا آدم عليه السلام وكان إبليس يرى ذلك والملائكة سجدوا على الفور ورفض إبليس فلعنه الله عز وجل لتكبره وغيرته وأهبطه من السماء إلى الأرض ومسخه بصورة بشعة جدا وتحول من عزازيل الجميل لإبليس القبيح وجلاه الله إلى البحر مع بقية الجن ؛ فوضع عرشه على الماء وصار قائدا لشياطين الجن والإنس.
تحولت حياة الطفل الجميل عزازيل الذى كان يعيش مع الملائكة فى السماء وصار ملعونا إلى آخر الزمان ومن شكله الجميل تحول إلى البشاعة صار أبشع مخلوقا على وجه الأرض وطرده الله من رحمته وصار قائدا للشياطين . وكلمة الشيطان: هى صفة ممكن أن يتصف بها الجن أو الإنس والشيطان هو: أبعد شخص عن الحق.
وسمى إبليس لأنه يأس وطرد من رحمة الله إلى الأبد؛ وقد سأله الله عز وجل وهو سبحانه وتعالى أعلم ” ومامنعك أن تسجد إذ أمرتك ” فرد إبليس ” قال أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين” وكان جزاؤه الطرد ” فما يكون لك أن تتكبر فيها” ” فاخرج إنك من الصاغرين” فتكبر إبليس أكثر وطلب من الله عز وجل أن يظل حي إلى يوم البعث وحقق الله عز وجل له طلبه وقرر إبليس أن يغوى ذرية آدم حتى لا يدخل النار وحده . وقال الله عز وجل ” اخرج منها مذؤوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين ” وهذا يعنى أن من يتبع نهج إبليس ويتكبر على أوامر الله عز وجل ويبتعد عن الحق وطاعة الله عز وجل يكون له نفس مصير إبليس اللعين.
كيف يتكاثر إبليس؟
صار لإبليس ذرية وجيش وهم رتب وتصنيفات ؛ عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة ؛ يجيء أحدهم يقول له فعلت كذا وكذا فيقول له ماصنعت شيئا ثم يجيء أحدهم فيقول ” ماتركته حتى فرقت بينه وبين امرأته” فيدنيه منه ويقول : نعم أنت.
واختلف العلماء هل تزوج إبليس وقال البعض إنه يبيض لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا تكن أول من دخل السوق ولا آخر من خرج منها؛ فيها باض إبليس وفرخ”.
سؤال : من الذى وسوس لإبليس حتى يخرج عن طاعة الله عز وجل إذ لم يكن إبليس شيطان فى هذا الوقت؟
يقال أن نفسه الأمارة بالسوء هى التى ساقته إلى التكبر والخروج عن طاعة خالقه عز وجل.
مصير إبليس
جهنم وكل من اتبعه؛ والخطير أنه يأتى يوم القيامة فى ثوب الواعظ المتنصل من كل عاص لله متبع له ” وقال الشيطان لما قضى الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وماكان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى فلا تلومونى ولوموا أنفسكم” .
فعلينا أن ندرك جميعا بني آدم أن عدونا هش ضعيف وأنه لا يفعل سوى الوسوسة ، ولكنه لا يفتر فعلينا أن نغلق عليه الأبواب ونتجه إلى طاعة ربنا بكل قوتنا وأن نعلي الهمة ونتحد ولا نتفرق ، ونصلح فى الأرض ولا نفسد فيها ، ونعمرها ونعمر أنفسنا بالتزكية وحسن التعامل وحب الخير للغير والإيمان والثقة بالله، ونحقق الخلافة على الأرض ونتخلى عن الغيرة والحسد والحقد والكراهية والتقصير والتراخى ، ونقدم الغالى والنفيس حتى يرضى الله عز وجل عنا ويباهى بنا ملائكته.