شاء القدر اليوم أن أقرأ تلك السطور التالية (لا أعرف من كتبها) ووجدتها تعبر تماما عما كنت أفكر فى كتابته عن عنوان هذا المقال، لذلك وجدت من الفائده أن أبدأ حديثى بتلك السطور اولا، ثم أشير الى ما اريد أن أقوله لاحقا:
نظرت إليه بحده وهو يعترف لها، ساتزوج عليك، لكنها ردت بهدوء والسبب؟ فرمقها بنظرة جامدة قبل أن يجيب… كان من الممكن أن أقول لك هذا حقى وأكتفي، ولكنى سأقر لك بأنك بارده!!، فعلت وجهها الدهشة وقالت بسخرية بارده هل هى عكس دافئة أم مثيره؟!! فأمتعض من سخريتها وقال بحده بل هى معنى متحجره المشاعر!!، فتلاعبت بصوتها بنبرة تمثيلية وقالت ماشاء الله أكتشاف مذهل، أكتشفته أنت وقد تخطي عمرك الخمسين وبعد زواج دام خمس وعشرون سنة، ثم هزت رأسها بأسف لتكمل حديثها وتقول لا توجد امرأة متحجره، بل كل واحدة منا تنتمى لصنف زوجها، فرفع حاجبه بغيظ وقال… ما معنى هذا الهذيان؟!
وهنا أرتفع صوتها قليلا وقالت معناه إن من تتزوج بحرا فياضا تصبح موجه تتراقص على سطحه، ومن تتزوج سماء تصير إحدى غيماته الممطرة، ومن تتزوج جبلا تتحول الى صخره صماء، وهنا سألها زوجها بغيظ وأنا من كنت فيهم بالنسبه لك؟!! فنظرت له بأشمئزاز وقالت… أنت صحراء جافة ضللت طريقى فيها فحولتنى الى حفنه رمال مبعثرة والغريب إنك الآن تبحث عن السراب فى ليلك البارد لا فى ظهيرتك المشمسه!! فتعجب الزوج قليلا وقال لها سراب!!، فضحكت بسخريه وسألته… هل هى صغيرة كما تزوجتنى؟ جميله كما كنت قبل إهمالك؟! هل هى ندية مثلى قبل ذبولى؟! وهل ستقضى معظم وقتك معها تدللها وانت الذى لم تكن تطأ قدمك البيت إلا للطعام والمبيت؟! هل ستنفق عليها مدخرات بخلك علي أم ستغدق عليها مشاعر سألتك إياها فمنعتها؟!! هل ستجوب بها بقاع الارض لتسترد شبابا دفنته فى قبر العمل والانشغال، ودفنتني معك لأتحجر كما تدعي، ثم أكملت أسئلتها له وكآنها تذكر له سبب ما يشتكى منه الان فقالت هل ستتذكر تاريخ مولدها وزواجها ولقائها الاول؟ هل ستفاجئها بالهدايا أم ستنسي كما كنت معي؟!!
هنا وكآنه فاق وأنتبه وأدرك أخطائه وأن ما يشكو منه الان ما كان الى نتيجة ما صنع، ولكنه أكمل وقال لن أنكر كل ما قلتيه الان ولكنى سأتغير وسأتعلم معها ما جهلت، فأمالت زوجته رأسها وأطالت النظر إليه وقالت… الصحراء إن جادت بالشجر فلن تجود بالثمر، ولن يصبر على الارتحال فيها الا الجمال، فهل حبيبتك (زوجتك القادمه) هل هى صابرة أم طامعه أم شابة هوجاء سرعان ما ستتمنى من فى مثل شبابها؟! وهنا تغيرت نبرة صوته من التمنى والعمى الى البصيرة والرجاء وقال لها سامحينى فرفعت يدها بسرعه فى وجهه حتى لا يكمل كلامه وقالت له هل سمعت يوما عن ناج من هلاك الصحراء عاد إليها!!
أيها السادة… إن ما قدمته الان بين يدي القارئ الكريم كان حوارا افتراضيا بين زوجين، ورسالتى من المقال هى الاشارة الى فخ أزمة منتصف العمر وهى أزمة مدمرة حقا ولم ينجوا أحد وقع فيها إلا من رحم الله، لذلك علينا نحن من تعدي عمرهم الخمسين خصوصا أن نحذرمنها، فهى وكما هو معلوم للجميع تشبه إلى حد كبير مرحلة المراهقة، الا أن كونها تأتي فى هذا السن تكون دائما نتائجها فاضحة، فالان أنا لدى زوجة وأسرة وبيت واولاد ربما منهم من اقترب من الزواج هذا اولا، وثانيا وكما أوضحت فى السطور السابقه أن ما سوف نبحث عنه من متعه سيكون أقرب الى السراب منه الى الحقيقة، وعلينا دائما أن نتذكر أن مانشكوا منه ربما كنا نحن السبب فيه فعلينا أن نكون عادلين مع أنفسنا ومع الاخرين.
لا اريد أن أسترسل فى شرح أزمة منتصف العمر فمعظم حيثياتها معروفة للجميع ولكن اردت أن أنقل لكم حوارا أقول فيه كل شيء ببساطة، أما تلك الشريحة التى لم تكن مشغولة عن بيتها بالعمل الطويل ووجدت نفسها تمر بتلك الازمة فعليهم أن يعلموا أن عليهم أن يراجعوا موقفهم وأنفسهم، وعليهم أن يعلموا جيدا أن هناك كثيرا من الناس يبحثون عن المتعة ويعتقدون أن فيها ربما وجدوا السعادة، واقول لهم هم مثل المقامر يشعر بالمتعة وهو يقامر بكل ما يملك، ويعود الى طاولة القمار مرارا وتكرارا ظنا منه إنها تحمل له السعادة، ولكنها سعادة مؤقته ومزيفه قد تتلوها سنون من الندم، فأحذروا هذا الفخ أنى لكم من الناصحين.
اللهم احفظ بيوتنا… اللهم احفظ مصر… ارضا وشعبا وجيشا وأزهرا.
—————————————————————–
- مدرب إستشارات اسريه وزوجية