الحب يشبه البناء، لا يمكن أن يصمد طويلاً إن لم يكن أساسه متيناً، فكل ما يُشيَّد فوق أرض مهزوزة مُعرّض حتماً للسقوط.
وهذا ما يفسّر عدم استمرار بعض العلاقات بالقوة نفسها، لأنها تبدأ من أساس هش، وتمتلئ منذ لحظاتها الأولى بالمشاحنات والسلوكيات السلبية، فتتأرجح تلقائياً بين القرب والبعد، حتى تصل إلى محطة النهاية، إما بالتلاشي التدريجي، أو بالرحيل الحاسم بلا رجعة.
ولكن ما الذي يجعل أي علاقة متذبذبة من الأساس؟
قد تكون بعض البدايات غير ناضجة، والمشاعر بين الطرفين سطحية أو مؤقتة، وربما يكون الدخول في العلاقة منذ بدايتها بدافع الهرب من الشعور بالوحدة أو خذلان ناتج عن علاقات سابقة غير موفقة.
ولهذا، نلحظ أن بعض العلاقات تبدأ بحماس عاطفي مبالغ فيه، نتيجة غياب الوضوح في النوايا أو التوقعات بين الطرفين، ما يؤدي إلى انهيارها سريعاً عند أول اختبار.
أحياناً، يظهر بعض الأشخاص فقط عند حاجتهم المعنوية أو العاطفية، فتكون مؤشرات العلاقة المتذبذبة واضحة منذ البداية.
ويظهر ذلك من خلال التقلب المفاجئ في طبيعة العلاقة؛ يوم قرب وحب وانسجام، ويوم آخر برود وجفاء.
وغالباً ما يتكرر الانسحاب لفترة طويلة، ثم العودة المفاجئة دون أي مبرر، ما يعزّز الشعور بعدم الأمان نتيجة غياب الالتزام والتضحية المتبادلة.
هذا النوع من العلاقات يؤثر في النفس لأنه يتسبب في استنزاف نفسي وعاطفي والتشكيك المستمر في الذات وانحدار الثقة بالنفس والإحساس بالوحدة رغم وجود الطرف الآخر، ويتكرر التساؤل «هل أنا السبب في تدني مستوى العلاقة؟».
العلاقات الحقيقية لا تُربكنا، بل تُهذّبنا وتمنحنا شعوراً بالرضا والسعادة. وليست كل علاقة بدأت جميلة وبهية، وأحببناها بصدق، يجب أن تستمر. أحياناً، يكون التذبذب رسالة واضحة بأن هذه العلاقة لا يمكن، بل لا يجدر بها، أن تستمر، لأنها لا تُشكّل مصدر سعادة، ولا تنتمي إلى مستقبلك.
——————————————————-
* كاتبة ومدربة في مجال الأسرة والأبناء – دولة الإمارات.