السبت , 14 يونيو 2025
سهير عمارة - كاتبة 023

د. سهير حسين تكتب: المسؤولية أمانة لا مصلحة!

= 1785

المناصب جعلت لقضاء حوائج الناس، فقيرهم قبل غنيهم، وضعيفهم قبل قويهم، لكننا في زمنٍ كثُرت فيه المصالح وتقلّص فيه الإخلاص، ولهذا أصبحنا نجد من بين من يتولّون المناصب بمستوياتها المختلفة من لا يسخرونها لخدمة الناس وقضاء حوائجهم، بل لقضاء مصالحهم الشخصية وخدمة أصحاب النفوذ. فيتعامل مع المنصب كغنيمة، لا كأمانة، وينسى أن أول ما يُسأل عنه يوم القيامة هو: “أأديت الأمانة أم خنتها؟”

أمانة المسؤولية في القرآن الكريم

قال الله تعالى:
“إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ”
ـ (النساء: 58)

فالمنصب أمانة، والعدل فيه فرض. لا يجوز أن تُعطى الحقوق لأصحاب الواسطة وتُهمل حاجات البسطاء.

النبي صلى الله عليه وسلم حذر من استغلال المناصب

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“أيما رجل استعملته على عمل، فكتمنا مخيطاً فما فوقه، كان غلولاً يأتي به يوم القيامة”
ـ (رواه مسلم)

وهذا يشمل كل من أخذ من المال العام أو استغل المنصب لقضاء مصالحه أو مصالح “الكبار” وترك حاجات “الصغار”.

ويلٌ للذين يظلمون الناس لحساب الأقوياء

كم من مسؤول يمنع عن المحتاج مساعدة، ويؤخّر معاملات الفقراء، بينما يسارع في تلبية طلبات أصحاب الجاه والنفوذ. هؤلاء توعّدهم الله تعالى بقوله:
“إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ… أُو۟لَـٰٓئِكَ یَلْعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَیَلْعَنُهُمُ ٱللَّـٰعِنُونَ”
ـ (البقرة: 159)

جزاء من يخون الأمانة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“ما من عبدٍ يسترعيه الله رعيةً، يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته، إلا حرَّم الله عليه الجنة”
ـ (رواه البخاري ومسلم)

وهذا تهديد صريح لمن خان الأمانة، ولم يخدم من وُكل برعايتهم من عامة الناس.

رسالة إلى كل مسؤول

اتقِ الله في منصبك، واذكر قوله تعالى:
“وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ”
ـ (الصافات: 24)

فأنت موقوف ومسؤول، ولن تنفعك الواسطة ولا الجاه، وإنما ينفعك العدل، وقضاء حوائج الناس، ورفع الظلم عن المظلومين.

خاتمة: ميزان الله لا يُخطئ

قد يُخدع الناس بالمظاهر، ويخاف البعض من بطش المسؤول، لكن الله لا يخفى عليه شيء. قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“اتقوا دعوة المظلوم، فإنها تُحمل على الغمام، يقول الله: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين”
ـ (رواه أحمد)

فيا من توليت أمور الناس، اعلم أن كل باب يُغلق في وجه الفقراء والمظلومين، ستُسأل عنه أمام الله. فارفع الظلم، وساوِ بين الناس، ولا تجعل منصبك سبيلاً لخدمة الكبار فقط، فميزان الآخرة لا يُهادن ولا يُزيّف.

شاهد أيضاً

سهير عمارة - كاتبة 023

“عتابي حب.. وسكاتي نسيان” … من خواطر د. سهير حسين

عدد المشاهدات = 2646 عتابي كان حب ….. وسكاتي خلاص نسيان أعاتب على إيه؟ المعاتبة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.