السبت , 20 أبريل 2024

المنطقة الشائكة بين الآباء والأبناء

= 2520

بقلم: عادل عبد الستار العيلة

قبل بداية العام الدراسي سألني أحد الأصدقاء أن أبنه يريد أن يدخل إحدى الكليات وهذا على غير رغبته وخطته له لأنه يريد أن يتولى إدارة أعماله بعده ويريد له تخصص يفيده في إدارة الأعمال وسؤاله ماذا افعل؟ ؟
أيها السادة … هذا السؤال يجعلنا نسأل السؤال بشكل آخر. . هل للأهل حق الاختيار لأبنائهم؟ ؟ وهنا يجب أن نوضح الأمر بشيء من التفصيل وأيضاً أن نفرق بين الاختيارات وبعضها … وفي هذا أقول:

أولاً: بر الوالدين: هو فرض عظيم أمرنا الله تعالى به، وأوجبه علينا يقول تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ ولعل الإشكال الذي وقع فيه البعض هو: هل عدم طاعة الوالدين في اختيار ما هو من العقوق؟ وهنا لا بد من أن نفرق بين الاختيارات وأنواعها: وهذا ما يجب توضيحه وهو إنه يمكن تلخيص العلاقة بين الأبناء والوالدين في ثلاث جوانب وهي كالاتا:
1- الجانب الذي يخص الوالدين. . وهي الأمور التي يجب أن تُقدم لهم مثل المعيشة والراحة والعلاج وحفظ كرمتهم وهذه بالتأكيد يجب البر فيها.
2- الجانب الذي يخص الأبناء أنفسهم خصوصاً إذا بلغوا سن الرشد، وهي كل الأمور التي تخص الأبناء ولا تؤثر على الوالدين من دين ومعيشة وراحة ودراسة وتخصص ومال وغيرها، وكل هذا شأن خاص تماماً بالأبناء لهم كامل الحرية في إختيارتهم في تلك الأمور، ويبقى الحق بل الواجب على الوالدين تقديم النصيحة والتوجيه لكن لا يملكان القرار والإجبار، وعلي الأولاد تقدير هذه النصائح لما يملك الوالدان من خبرة في الحياة، ويزداد هذا التقدير كلما كان الوالدان من ذوي الحكمة والعلم

3- الجانب المشترك. . وهذا هو الجانب الشائك ومعظم الإشكال يقع في هذه الدائرة، حيث هناك أمور من حق الأبناء ولكن لها تأثير مباشر على الوالدين، وأهم تلك الحالات:
١- الزواج: حيث أن الزواج هو علاقة بين أسرتين وليس فردين فقط، ومن هنا كان لزاماً عند الاختلاف التفاهم بهدوء وحكمة وأدب واحترام وفي الغالب ستأخذ المسألة وقتاً فتحتاج إلى صبر، ولأن هذا القرار يمس حياة الأولاد بنسبة ٩٠٪ تقريباً ( حيث الحياة اليومية بعد الزواج ) ويمس الأهل بنسبة ١٠٪ تقريباً لذلك أرى أن القرار هو حق الأبناء، وعلي الوالدين إقناع الأولاد بالحسنى، ولكن لأننا في الدائرة المشتركة فعلي الأولاد عدم التفرد بالقرار بل محاولة إقناع الوالدين بالحسنى والتودد وبكل أدب، وفي النهاية لابد من اتفاق الطرفين.

٢- المال: رغم أن الأبناء إذا رشدوا تصبح لهم ذمة مالية مستقلة، إلا أن القرارات المالية السيئة ستؤثر على الوالدين وصحيح أنهم ربما لا يتحمل الأهل المسئولية قانونياً، إلا أنهم لن يتخلّوا عن أبنائهم ورغم كل ذلك فالقرار النهائي عند الاختلاف هو للأبناء لأنهم مسئولون ( إذا رشدوا ) عن قراراتهم
٣- العمل والتخصص:
فقد يرى الأب مثلاً أنه يحتاج أن يتولى ابنه شركته من بعده، وبالتالي لابد أن يختار التخصص المناسب لذلك، ويرى أن في ذلك مصلحة للطرفين
أو أن يرى أن هناك تخصصات لها مستقبل وظيفي مثل الطب والهندسة، فيشجع أبنائه عليها، وأن هناك تخصصات أخرى ربما فرصة العمل فيها صعبة أو قليله وقد يكون هذا صحيحاً أحياناً، لكنه لم يراعي رغبة أبنائه وهي أساس في النجاح والأهم من ذلك أن عمل الإنسان فيما يحب هو من أسس السعادة والإبداع

أخيراً أقول. . كلما كان هناك حوار دائم بين الآباء والأبناء كما ازداد التماس في الأفكار والمفاهيم ومن ثم يُقلل الخلاف والاصطدام

(حفظ الله أبنائنا … حفظ الله مصر. . أرضاً وشعباً وجيشاً وَأَزْهَرَا)

شاهد أيضاً

عادل عبدالستار العيلة يكتب: القناع والظل

عدد المشاهدات = 1742 هناك مسألة نفسية تحدث عنها عالم النفس الشهير (كارل يونج) وهى …

تعليق واحد

  1. ناجح ابراهيم محمد

    تمام التمام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.