الأربعاء , 24 أبريل 2024

د. إلهام الدسوقي تكتب: الرسالة الباكية..!

= 4762

أرسل إلى أحد الأصدقاء برسالة باكية عبر الماسنجر يحكي ما يطبق على صدره من آلام، ويرغب أن يأخذ النصيحة لعلها تأتي بنتائج مغايرة للواقع الأليم، فقرأت بروية ما بين السطور وكان محتوى رسالته كالتالي:

تركت أولادي وهم في سن الزهور وسافرت لتوفير مستقبل زاهر مشرق يضمن لهم الراحة المادية تاركًا المسئولية لأمهم تحل محلي في كل شيء. ولم تقصر في التربية فأول ما فكرت فيه هو إرسال إبننا البكري لأحد المشايخ ليتعلم قراءة وحفظ ما تيسر من القرآن والتمكين من التفسير الصحيح له فهي لم تعد قادرة على العمل وأعمال المنزل والتربية وحيدة.

استبشرت خيرًا.. ولكن مع كل محادثة عبر الانترنت كنت أشعر بتدهور الوضع، في المحادثة الأولى ذكرت أن الولد يقضي أوقاته كلها وحيدًا في غرفته رافضا الاختلاط بالعائلة، في المحادثة الثانية اشتكت من اتهامه لها ولأخته بالتبرج بالرغم من الاحتشام والمواظبة على الصلاة، في المحادثة الثالثة والرابعة والخامسة تطلب له الهداية بعد أن أهانها وسب إخوته ولعنهم وفي آخر محادثة بكت وهي تستغيث بعد أن لطمها بشدة.

أنهيت عملي بعد عشرة سنوات جمعت فيها ما يكفي لإكمال تعليمهم بالكاد وعدت لإنقاذ الموقف. فواجهت المارد القابع بداخل ولدي الشاب اليافع الذي اتهمني بالإهمال وحرم على أموالي وشكك في مصدرها فلم أصدق ما سمعت وبحثت عن الأسباب فلاح في الأفق تأثير الشيخ الذي استمر لعشرة أعوام يشكل في أفكاره بلا تدخل من أحد فلجأت إلى الأطباء النفسيين والمشايخ فلم يفلح كل ذلك. انصحيني ماذا أفعل؟

تعجبت من الحديث وتذكرت المقولة التى تدعي أن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر ومصدر تعجبي أنه بالرغم من معرفتنا جميعا بقوانين التربية وأهمية قيام الأب بالتربية الصحيحة وغرس القيم السليمة والمبادئ الصحيحة للدين والتعامل الاجتماعي وقدرة العلم على تغيير المستقبل وتحسين الحالة الاجتماعية والمادية إلا أننا لم نتحمل هذه المسئولية ونلقيها عن كاهلنا إلى من لا نعرف عنه إلا اسمه كالمشايخ أو المعلمين أو الأصدقاء تاركين لهم مهمة محورية جوهرية في تشكيل الشخصية وغرس العادات وإظهار السمات المفضلة لديهم في أبنائنا ويعتمد هذا على ما لديهم من أفكار سواء كانت سوية أو متطرفة، معتدلة أو منحرفة، تقدمية أو متخلفة، تدعو للعلم أو تسير بهم في طريق الجهالة.

رفض الآباء القيام بأدوارهم بحجة جني الأموال والتي تذهب هباء في مصاريف المدارس الدولية والدروس الخصوصية والنوادي والمطاعم والمولات والسينمات وكل وسائل الترفيه غير الأساسية في التربية بل بالعكس تهدم دور الأسرة وتذهب به إلى غير رجعة أمام طغيان العوامل المحيطة وغياب الأهل.

توجهت إلى محدثي لأقدم له النصيحة فقد جرب الأطباء النفسيين والمشايخ وغيرهم ممن اعتقد أنهم يحملون الحلول السليمة فقلت له اتجه إلى أكثر الأشخاص العالمين بهذه الحالة وانظر في المرآة لتراه انه انت صديق ولدك الذي يستطيع انتشاله من الضياع ولتتضرع لله شكرًا على نعمته.

——————-
* خبير السلوك المهني.

شاهد أيضاً

د. عائشة الجناحي تكتب: لو كان خيراً

عدد المشاهدات = 1886 ألطاف رب العالمين تجري ونحن لا ندري، فكل شر يقع بنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.