الخميس , 18 أبريل 2024

“لأجلك أنت فقط”…قصة قصيرة بقلم مريم عبد الرحيم

= 3307

استيقظتُ لتوي، الساعة العاشرة صباحًا
تلك الجلسة في الثانية عشر ظهرًا، لايزال يتبقى بعض الوقت على موعدها.
اه ولماذا انشغل بموعدها، لازلتُ أفكر..
-هل سأذهب أم لا؟
ولما العجلة على شيء قد يكون في النهاية مُجرد تفاهاتٍ.
أوراق مكتوب عليها “جلسة لـأجلك أنت فقط” تُـشتت ذهني لهذه الدرجة وكأنها خاصة بي فقط!
عشرات الناس التقطوا الورقة مثلهم مثلي.
ما الإستثنائية في هذا؟
حسنًا، انسي الأمر يا فتاة.
فنجانُ قهوةٌ قادرٌ على إزاحةِ كل الأفكار من رأسي بعيدًا.
لنرفع صوت الراديو درجة أعلى لأندمج كليًا مع فنجانِ القهوة خاصتي المحلى بالموسيقى الأوربية.
ها وقد أتت الجريدة أيضًا، لنرى ما الجديد اليوم.
لا يُعقل أنتِ مرة أخرى (جلسة لأجلك أنت فقط لن تخسر شيئًا يكفيك المحاولة الشريفة لأجل روحك المُتعبة)
غَلبني التفكير مرةً أخرى وهذه المرة بطريقة درامية جدًا فهو تفكيرٌ خلفيته موسيقى تراجيدية، ماذا أفعل!
سأذهب..
وعملي، أخيرًا وجدتُ حجةَ.
حمقاء، اليوم عطلةُ.
يا الله!
أهذه الدعوة مُقدرة لي؟
حسناً، سأذهب وأرى بنفسي لن أخسر شيئًا سأذهب إرضاءً لفضولي لا أكثر.
(محمد محفوظ ش-، عمارة 9-الطابق الأول.)
توكلتُ على الله.
منطقةُ فاخرةُ، دائمًا ما أطلق عليها منطقة الأغنياء، وفي معناه أن جميع من سيحضرون من الطبقات العليا يتحدثون عن تفاهاتهم وسخافاتهم اليومية على أنه اكتئاب حاد.
ماذا بي أفعل هنا!
ومبنى فاخر وبالتأكيد شقة لا يُعلى عليها ولا في الأحلام
اه. لأضحك هنا قليلًا ومن ثم أبكي في المنزل.
لن أكذب أنا..
انظروا على أشكال الحاضرين وكأننا في حفلة في باريس ليست عيادة نفسية في مصر.
يا أسفي على شبابي المهدور في شقتي المسكينة وفي الجريدة المنقرضة، نحن لا نعيش مقارنة بهؤلاء.
ويمتلكون الجراءة ليأتوا هنا بحجة ما عندهم من مشكلاتِ.
كما يقولون “هم يبكي وهم يضحك”
انتبهت لصفرات يد أحدهم على الميكرفون ليعلنوا بدء الجلسة، تقول صباح الخير بالإنجليزية انتهينا لن اتعجب، ماذا عندكم بعد!
بدأوا بتوزيع بعض الأوراق علينا، التقطت الورقة من هنا وبدأت أفهم ماذا تتضمن أو بالأصح بدأت اترجم ما بها من كلمات، اه عليكم قد نسيت الإنجليزية قد فارقتها منذ أربع سنوات من الكلية في الأغلب يجب أن أُعيد دراستي لها مرة أخرى، فأنا أشعر إنني أحل شفرة، وأخيراً فهمت
سنتحدث في الجلسة بالإنجليزية، لأن كونها ليست اللغة الأم ستزيح بعض الحرج ونحن نَقصُ مشكلاتنا، أرى بعض المنطقية في الحديث فأنا عن نفسي إن تحدث أحدهم بجانبي بالإنجليزية لن أنتبه له على رغم دراستي للغات من قبل، لكنني سأواجه صعوبة في التعبير لذلك يجب أن أرحل حالاً.
لا ولما ارحل قد يكون الحديث بالإذن لذا لن أرفع يدي وسأجلس للاستماع فقط لمشكلاتهم كتدريب لسماع اللغة لا أكثر.
وقد كان، بدأ الناس برفع أيديهم للمشاركة، لنرى ما لديهم، مرت ساعة من ملل وسرحان واختطافات من النوم.
ما شاء الله على الاستفادة، حقاً من الأفضل أن أرحل.
لحظة أهذا اسمي، أحدهم ينادي، صحيح قد تركت اسمي بالخارج، لكن ماذا يريدون مني؟
-أنتِ أمينة مصطفى؟
أومأت رأسي بالتأكيد.
أعرف حظي جيداً، قد تم اختيار اسمي عشوائيا والآن يجب أن اتحدث عن مشكلتي، بدأت اشعر أن هذه الجلسة حقاً مقدرة لي.
تقدمتُ للأمام وبدأت –بالسلام عليكم أنا أمينة كم قالت-وابتسمت حرجاً من الموقف.
أنا صحفية بجريدة الأمل، لكنني لا أشعر بأي أمل إطلاقاً.
لا أشعر بأنني أمتلك مكاناً في هذه الحياة.
لذلك جئتُ هنا، جئتُ لأجد نفسي وقيمتي وشغفي في روحي لا في الحياة، جئت بسبب اسم الدعوة لأجلي أنا فقط، جئت من أجل تلك اللحظات التي أفقد فيها نفسي، تلك اللحظات التي أبكي فيها بدون انتباه الاخرين، تلك اللحظات التي أُحادث نفسي فيها على إننا شخصين مُتحابين، جئت لأعرف هل حقاً أنا أستحق الحب أم لا، أستحق أن يُحارب أحدهم من أجلي أم لا!
أم أن الحب وهم وأحلام!
فتاةٌ في أواخر عشرينيتها، متى ستجد قيمة لها في تلك الحياة!
قاطعتني إحدى السيدات قائلة: هل لي لك بسؤالٍ، هل أخبرك أحدهم من قبل إنك تمتلكين ابتسامة سحرية، تُدخلين بها البهجة في قلوبِ الآخرين؟
ابتسمت لها قائلة: شكراً لكِ.
لتُقاطعني مرةً أخرى قائلة: اسألك يا فتاة لا أعطيكِ مُجاملة
صمتٌ أفكر قائلة: يقولون ضحكتك جميلة.
-أي إنك لن تسمعي سحرية من قبلٍ!
أومأت بالتأكيد.
– حسناَ، سجليها يا فتاة ف والله أنتٍ تمتلكين كنزاَ سيأتي بأحدهم تحت قدميك يوماً ما، وإن غفي الناس عنك الآن وعما لديك من كنوز قد يكون ذلك في صالحك، لأن المُراد فارس الأحلام لايزال في طريقه إليكِ، فلا حاجة لتضييع الوقت مع تفاهات مؤقتة، لا عليك سوى أن تنتظري، أنا أرى أمامي فتاة يافعة، متألقة وهي تتحدث عما تتألم فما بالك بها وهي تتحدث عن إنجازاتها، أظهري نفسك أنتِ أولاً وضعي لها قيمة ثم اتركي تقييم الناس لك بعد ذلك فلن ينفعك بشيء إن عرفتي قدر نفسك، وابتسمي يا فتاة لن تنفعك تلك العبسة أبدًا
ابتسمتُ هذه المرة حقًا من أعماق قلبي وغادرتُ بعد ما فهمت أن هذه الجلسة حقًا لأجلي أنا فقط.

شاهد أيضاً

“ساعة المساء “…خاطرة بقلم ندى أشرف

عدد المشاهدات = 9323 هل لكل مكان سبب ولكل سبب قصة معينة له؟ واقع مادى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.