الجمعة , 19 أبريل 2024

د. منى حسين تكتب: عالم الفيس بوك..!

= 1607

لقد أصبحنا اليوم فى عالم الفيس بوك الإفتراضى ، نبدأ يومنا بتصفح حساباتنا ، لنعرف أخر الأخبار ، ونطمئن على أصدقائنا فى هذا العالم ، ففيه نرد على باقات الزهور التى يرسلها لنا الجميع ، مصحوبة بصباح الخير ، والأدعية الدينية التى نرد عليها ، وأحياناً بعض الأغنيات المرتبطة بالصباح وبداية يوم جديد ، وأحياناً بالفيروزيات وغيرها مما يدعو للتفاؤل .

كما نعرف منه الكثير عن المناسبات السارة لدى الأصدقاء ، من أعياد ميلاد واحتفالات بنجاح الأبناء ، أو بترقية أحدهم فى عمله ، أو حصول أحدهم على جوائز ، فنبارك ونهنىء ، ونرسل باقات الزهور .

ومن خلاله أيضاً يتم إرسال الدعوات لحضور مناسبات بعينها ، علمية أو أدبية أو حتى الخطبات والأعراس ، فقد أصبح أسهل كثيراً من استخدام الهاتف للإتصال بالأخرين ، فعدد أصدقائنا على الفيس بوك وعائلاتهم ، لا تكفيها أى قاعة مناسبات فى الفنادق أو النوادى الاجتماعية ، لكن فى الحقيقة معظمهم لا يلبى الدعوة ، بالرغم من كتابته تعليق على ما ننشر ، يؤكد فيه أنه سيكون من أول الحضور ، ربما يعتذر لاحقاً ، وربما لا ، المهم أننا معاً .

وأحياناً يصبح كصفحة الوفيات فى أى صحيفة ، فهذا ينعى أحد أفراد أسرته ، وهذا ينعى قريب له من بعيد ، وهذا ينعى زميل وهذه تنعى زميلة أو صديقة .

فنرى أنفسنا بين المنشور والآخر ، تارة نرسل التهانى ، وأخرى نرسل برقيات التعازى ، ربما كانت فائدته كبرى فى فترة جائحة كورونا فى موجتها الأولى ، فجميعنا محظور عليه التواصل المباشر ، خوفاً من انتقال العدوى ، وحرصاً على صحة الكبار منا ، نظراً لضعف مناعتهم .

أما غير ذلك فقد أصبح الفيس بوك نافذة معظمنا ، عندما نتصفحه كأننا نتصفح جريدة يومية أو مجلة ، الفارق فقط أننا نعرف عن أصدقائنا ، كما أننا نعلمهم عن نشاطاتنا المختلفة ، وإن غبنا نكتب أننا مرضى أو مشغولون ، ونلتمس الدعاء منهم .

ماذا لو انقطع التيار الكهربائى وفُصل الراوتر ، وبالتالى الإنترنت ؟ ماذا لو انتهت باقة الهاتف المحمول ، سيشعر الجميع بالوحدة ، وإن كان لا يستطيع الحركة سيشعر بالموت المفاجىء ، إلى أن تعود الكهرباء ، أو يجدد باقته ليعود للحياة مرة أخرى .

لقد نجح هذا العالم الإفتراضى فى لم الشتات ، فمن خلاله ستجد أصدقاء الطفولة والدراسة بجميع مراحلها ، ستكتشف من خلاله أن العالم أصبح بين يديك ، ستجرى أكثر من محادثة فى وقت واحد ، مع صديق فى الشرق وآخر فى الغرب ، وثالث فى الغرفة المجاورة لك فى بيتك .

فى الكثير من الأحيان تجد من يصيح وهو سائر فى الشارع ، يعنف أبناءه أو زوجته أو زميل عمل ، إن لم تلحظ السماعة التى يضعها فى أذنه لتوارد لذهنك أنه ربما يكون مجنوناً ، فكل صياحه وحده ، فهو لا يخاطب شخصاً يسير معه ، أو يقف أمامه ، لا أعلم حتى الآن هل هو ميزة كاملة ، أم ميزة تنقصها العلاقات الاجتماعية السوية التى خلقنا الله عليها .

تواصل لفظى ، تواصل عندما نفرغ ونفتح الإنترنت فى أجهزتنا المختلفة ، تواصل بلا حياة ، حين يسرق منا الوقت فى حوار أو غيره ، ونحن مرتبطون بعمل أو أدوار أخرى ، نستأذن لننهى الحوار .

أما الحياة فليست هكذا ، نحن معاً ، نجلس معاً ، نتحاور معاً ، حتى إن قمنا بأعمالنا المختلفة فى البيت أو العمل ، نحن معاً قلبا وقالباً ، وليس معاً وقت أن نجد للآخر وقتاً فى حياتنا .

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: صلاة الرجال مع النساء.. باطلة!

عدد المشاهدات = 3986 نشر فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب على صفحته الرسمية على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.