حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية
أنا من الذين عادوا من الموت !
والذين ماتوا وعادوا تكلموا عن تجربتهم ، والناس شاهدوا البرامج التى تحدثوا فيها عن تجربة الذهاب والعودة.
كنت ممن آمنوا بذلك وصدقوا
وجود الاشباح والماوراء !
اختلفت عمن سبقونى، كلهم اتفقوا على رؤية النفق المظلم وانفصال الجسد الأثيرى عن الجسد الفيزيائي وتصاعده إلى الفوق ورؤية ديناميكية واستاتيكية الروح فى لحظة الإنفصال والصعود..
أما أنا فلم أشاهد النفق المظلم ولم اعبره ولم اشاهد النور الذى قالوا عنه أنه فى أخره ومازلت أتقوقع داخل جسدى الذى أعرفه !
لحظات موتى لم أشعر بها و لم تتعد دقائق بحساب زمننا وكأنها كانت غفوة او قيلولة..
شىء واحد فقط أتذكره قد حدث
فقد سمعت هاتفا يقول: أنت الأن ميت؟
لم تكن رؤيا ولم يكن حلما،
كان موتا بلا رؤى أو أحلام ؟
الغريب عند عودتي من العالم المجهول الذى كنت فيه هو ماحدث عندما ابصرت وتحسست جسدي وفركت عيني وسألت : أين انا ؟
تعجبت عندما عثرت على نفسى بنفسي فى فراشى وتحيط بي أسرتي ..
لمحت فى اعينهم فرحة رغم وجود الدموع التى لم تكن قد جفت بعد!
قالت زوجتي : حمدا لله على سلامتك!
قلت : من أين ؟
ردت ابنتي : لا ندرى
قال ابنى : لم تكن معنا ظننا انك..
قاطعته زوجتي قبل ان يكمل جملته:
” ربنا يخليك لنا “
حينئذ تأكدت أنى كنت ميتا وعدت من الموت !
لكن لم استطع أن اخبرهم بما حدث ..
فهناك حكمة وراء ذلك ولا شك أن خلف تجربتى هذه حكمة ما ..
تابعت نفسي ، لاحظت أنى أتغير ،
زاد توترى وقل صبري
وزهدت شتى المتع !
أصبحت ميتا يمشى على الأرض وسط أحياء يضحكون ويلهون ويلعبون ويكذبون ويقتلون ويحبون ويكرهون ويغشون وينافقون.
كلهم غضبوا منى ، كنت اواجه كل واحد بحقيقته !
حاولت البحث عن العائدين من الموت فلم أجد أحدا فى وطنى؟
سألتنى زوجتى ما الذى حدث بعد شفائك من المرض ؟
لم استطع أن اخبرها بشيء !
قلت لها ممازحا :
انا اعيش بروح ميت فى الحياة!
كنا نشاهد أحد البرامج بعد الغذاء الذى يجمعنا كل يوم ،
تقول مقدمة البرنامج :
الآن مع أحد العائدين من الموت ليحكى لنا تجربته ..
هتف إبني : هذا الرجل يشبه أبي!
قالت زوجتي:
هو يشبهه وَصوته مثل صوت أبيكم ..
صاحت إبنتى :
إنه واحد من الأربعين حول العالم الذين يشبهون أبي.
قلت مندهشا: هو أنا ..وأنا هو وكلانا يبدو واحدا !
سألوا: كيف ذلك ؟
بحثت فى ذاكرتي البيضاء فلم أجد غير قول قرينى
لمقدمة البرنامج :
هناك تناسخ أرواح !
آويت إلى عزلتى
ومازلت أسأل عقلى :
لماذا عدت من الموت؟
