الجمعة , 29 مارس 2024

تأملات من ساحة الحرم

= 4984

 

بقلم: عادل عبدالستار العيلة

المشهد الأول: كنت أقف على جسر الطواف العلوى ووجدت رجلا فى نهاية الخمسينات آسيوى الملامح ولكنه يتحدث الانجليزية بشكل جيد مما ساعدنا على التواصل الجيد سوياً..

سألنى: من أين أنت؟
قلت: من مصر ..
قال بسرعة: من بلد الشيخ عبدالباسط عبدالصمد ..
أجبت بشئ من التفاخر: نعم..

وظل الرجل يمدح فى الشيخ بشكل زاد من تفاخرى كونى من نفس بلد الممدوح وهنا تأملت وتذكرت مدى إهدار مصر لفرص كثيرة من القوة الناعمة التى تمتلكها ، فكيف يكون لدينا من القوة الناعمة ما يجعلنا نكسب فى صفنا العديد من شعوب الدول وكيف لم نهتم بإظهار رموز تلك القوة الناعمة ..

ولكن ما فعلناه أننا تركنا كل هؤلاء وذهبنا نُنتج مسلسلا كاملا عن راقصة لا قيمة لها !! ولا دور لها الا أن تُثير غرائز العباد!

إن دولة مثل إسرائيل دائما ما تبحث عن أي رمز من رموز الأدب أو الفن أو السياسة حتى لو علاقته بإسرائيل علاقة بعيدة وتقول هذا إسرائيلى وتصنع له الدعاية لتزيد من قوتها الناعمة ، ونحن لدينا من الرموز ما يكفينا ولكننا نُهيل عليهم التراب ، فعلينا إن نعيد صناعة القوة الناعمة مرة أخرى ، فهى دائما لها تأثير السحر فى نفوس الناس.

فمصطلح القوة الناعمة الذي صاغه “جوزيف ناي” من جامعة هارفارد، استخدم كتعبير عن القوة التي تتمتع بها الآداب والفنون، والدبلوماسية الرشيقة الناعمة؛ دبلوماسية الشعوب، بهدف إحداث التأثير المطلوب على الرأي العام … والمدهش أنه لم يتوقف تأثير القوة الناعمة عند هذا الحد، بل تجاوزه لمعالجة الأزمات والتحديات الدولية التي تواجه الدبلوماسية الرسمية، فكانت قوة دعم ومساندة في عدد من القضايا، ومهدت لإبرام الاتفاقات والمعاهدات الاقتصادية، وايضا تعزيز سمعة الدولة وصورتها الذهنية ومكانتها على المستويين الإقليمي والعالمي.

المشهد الثانى: لنفس الرجل ..

قال: أبلغ المصريين على لسانى إننا ننظر إلى مصر بعين مليئة بالاحترام كونها مصر ثم كونها بلد الازهر الشريف ، فى بلادى من يلبس عمامة الازهر نعتبره مرجعا وفقيها نثق فى علمه وفتواه ، ونصيحتى لك ولكل ابناء بلدك أن تبتعدوا عن التدين الاجوف ، فلا قيمة لتدين أجوف يلازمة ضياع لمكارم الاخلاق ، ففى بلادى يُنتهك الكثير من الامور ومن يقوم بهذا يظهر من ملبسه وسمته الالتزام والتدين ، وعليك أن تُعلم أبنائك دائماً أن يفرقوا بين الاسلام كمبادئ وقيم ما اروعها وما اعظمها وبين ممارسات البعض ممن ينتمى الى هذا الدين العظيم ، فلا ينتقدون الدين فهو مُنزه عن الاخطاء .. ولكن ينتقدوا فقط من يقوم بالخطأ .

تحية لهذا الرجل المُحب لمصر وللأزهر زاده الله تشريفاً .. فكلماته تُكتب بماء الذهب فضلاً عن ماء العيون .. فياليت قومى يعلمون .

أخيراً أقول ما دعى إليه استاذى أحمد المسلمانى، وأؤمن به تماماً وهو أن ربيع السياسة فى مصر.. يجب أن يشهد ربيع القوة الناعمة لا خريفها.

وإذا كانت بلادنا تواجه تحديّات إقليمية ودولية خطيرة.. فإن القوة الصلبة وحدها لا تكفى.. لا ينبغى أن نترك أفكارنا وأحلامنا ولا أن نترك أبناءَنا وأحفادَنا لأولئك الذين جاءوا من قبل بقوة “البارود” أو جاءوا من بعد بقوة “هوليوود”..

يجب أن نطلق القوة الناعمة لبلادنا وأن نكون طرفاً فاعلاً فى الصراع على العقول.

حفظ الله مصر …أرضاً وشعباً وجيشاً وازهراً.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: سندوتش المدرسة.. صدقة وزكاة

عدد المشاهدات = 6748 لا ينكر إلا جاحد ان الشعب المصرى شعب أصيل، شعب جدع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.