الخميس , 18 أبريل 2024

“لون أبيض”..قصة قصيرة بقلم صابر الجنزوري

= 2141

لم يكن أحد يعلم أن ما يحدث فى البلاد البعيدة سوف ينتقل إلى تلك المدينة الصاخبة الآمنة ، فكانت السخرية بين الناس على المقاهى والتجمعات، وكل يظن ان قريته أو مدينته محفوظة ومحصنة ضد المرض والسحر والجان ، فالشيوخ والرهبان اخبروهم بذلك !

فى لحظة خاطفة تحولت السخرية والضحكات إلى خوف وقلق عندما ظهرت المذيعة الحسناء مبتسمة ، اذاعت الخبر ووضعت فوق فمها كمامة زرقاء !
أصابه الخوف لأنه يصلى بالناس جماعة ويوم الجمعة يصعد المنبر يلقى خطبته العصماء ..

هاتف صاحبه وهو يحاوره قال :
الشوارع والدروب والطرقات اصبحت خالية من العابرين والسيارات والدواب ،
لقد اعلنوا حظر التجوال !

رد عليه مازحا : إنها فرصتك لتؤلف كم دعاء ورقية غير شرعية وتطل من شاشة الفضائية وتحصل عل رقم كبير فى شيك بنكي لتوهم الناس برفع البلاء وعلاج الوباء!

لم يكن ينتظر هذا الرد من صديقه غير انه ابتسم فى حنق وداعب لحيته الطويلة وأخرج زجاجة المسك من جيب جلبابه الأبيض واخذ يضع فى كفيه بعضا منه ثم مسح على وجهه وشاله الأبيض الذى يغطى رأسه وعاد للسؤال:

وماذا انت فاعل ؟
– انتظر موعد إذاعة البرنامج لأضحك !

اكفهر وجهه غاضبا :
ألا تكف عن مداعباتك السخيفة؟

عاجله ضاحكا :
لو لم اكن أعرفك منذ الصغر لصدقت دموعك وانت تبكى حين ترفع كفيك وتضرع بالدعاء !

رد عليه متوترا :
الأمر جد خطير ، لقد أصبحت المدينة
كأنها مدينة للموتى والأشباح ،

هل هناك علاج لهذا الوباء ؟

مازحا قال صاحبه :
العلاج دائما جاهز عندكم ، بعضا من حبة البركة وبول الإبل وقليل من القرفة والزنجبيل !

– هداك الله يا أخى ، ليس هذا وقتا للمزاح ، تكلم فى جدية ولو مرة واحدة ، أنتم أصحاب العلم وهذا وقتكم !

تغيرت نبرة صوته وفى أسى قال :
اخيرا عرفتم قيمة العلم يا شيخنا !

انتهى الحوار ، وكان كل منهما على موعد وكلاهما هم بالخروج ..

كان فى انتظار الشيخ سائقه الخاص ينتظر فى سيارته ذات الدفع الرباعى ،
تعطر الشيخ وارتدى جلبابه الأبيض وعباءته الغالية متوجها إلى القناة الفضائية ، رأى صاحبه قبل ان يدلف إلى سيارته مقبلا مرتديا البالطو الأبيض ليستقل سيارته الصغيرة ، تبادلا تحية المساء

بادره قائلا :
لقد استدعونى لتسجيل البرنامج!

باغته صاحبه :
لقد استدعونى للطوارئ بالمستشفى

ضحك الشيخ فى دهاء بينما استرسل الطبيب واردف : لا تخف يا مولانا
سوف احجز لك مكانا فى الحجر الصحي !

شاهد أيضاً

“ساعة المساء “…خاطرة بقلم ندى أشرف

عدد المشاهدات = 9572 هل لكل مكان سبب ولكل سبب قصة معينة له؟ واقع مادى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.