السبت , 20 أبريل 2024

الطفل بين زماننا وزمانهم

= 2153

بقلم: علا العلمي *

من التناقضات العجيبة أن يكون أول ما يهتم به الإنسان أن يعلم الطفل الكلام ثم بعد ذلك يعاقبه على كثرة كلامه ليصمت !!

حقيقة عجبا لمثل هذه السلوكيات التى يتبعها الآباء مع أطفالهم وهم لا يدرون أنهم يدمرون الإنسان الموجود فى داخل أطفالهم.فهم لايدركون أن ما يتعرض له الطفل فى هذه المرحلة المبكرة من حياته لا يؤثر على طفولته فقط وإنما يؤثر بل يدمر انسانيته التى خلقها الله تعالى على الفطرة .

ويرى البعض من علماء النفس وخبراء التربية أن التأديب بالعقاب البدنى له من النتائج السلبية وخاصة لمن لم يبلغ منهم العشر سنوات وللأسف يلجأ لهذا الأسلوب الغيرتربوى الكثير من الآباء والأمهات .

فهم لا يدركون أن من مظاهر النمو السليم للطفل والذى تدل على الصحة البدنية للطفل كثرة الحركة والعناد فى بعض الأمور و اصدار اصوات متنوعة والنظر الى الأشياء بشكل متأمل فى بعض الأحيان وسريع فى بعض الأحيان فكل هذه الأمور تدل على أن الطفل له صفات ايجابية وسليم من الناحية النفسية والبدنية.

إلا أن بعض الأباء والأمهات يرون أن هذه الصفات مصدر ازعاج وقلق للأسرة ويشتكون من الطفل أمام اصدقائهم وأفراد عائلتهم مما يشعر الطفل بالإحراج النفسى فى داخله وينمو فى داخله بعض الصفات السلبية تجاه من يفعل ذلك.

وليس غريبا من أن نرى لمثل هذا الطفل الذى تربى بهذه السلوكيات أن يكون عاق لوالديه وخاصة عندما يكبرون فى السن وكأنه يحاول ان ينتقم منهم جزاء ما تعرض له على أيديهم فى طفولته ولهذا قلت فى بداية المقال ان هناك أمور تؤثر على انسانية الطفل وليس على طفولته فقط .

ولذا يجب على كل من له دور فى حياة وتربية الطفل سواء من افراد الاسرة او المربين ضرورة الإهتمام بالتربية الإيجابية وليس على التربية بالعقاب البدنى واللفظى وايجاد طريقة اخرى لتعديل السلوك كذلك علينا ان نتفهم طبيعة المرحلة التى يعيشها الطفل وان نكون على قدر كبير من الفهم والوعى لتنمية هذاه الصفات والسلوكيات للطفل بشكل ايجابى بدلا من عملية التنشئة الذى نقوم بها بشكل سلبى .

وقد يقول البعض أننا تربينا على التأديب بالعقاب البدنى و لم يؤثر علينا أوعلى نفسيتنا بل بالعكس نحن أصبحنا على مانحن عليه الآن بفضلهم وعرفنا قيمة أبائنا و ما يفعلونه من أجلنا .

أحب أن اقول لهم أنتم على حق نحن نحترم أبائنا ونحبهم ولكن من الخطأ أن نربى أبنائنا على ما تربينا نحن عليه فهم قد خلقوا لزمان غير زماننا . و ما لم يكن يؤثر علينا قد يؤثر عليهم الآن.

وأيضا ما أدراك أن بعضنا لم يتأثر ومازل يتذكر عقاب والديه له، فمن الممكن أن نكون قد نسينا الكثير من المواقف الايجابية منهم فى حياتنا ولكننا مازلنا تتذكر هذا النوع من التأديب بالعقاب البدنى أو اللفظى ومازال الأمر محفور بذاكرة البعض مننا بل وعلى يقين أن مشهد العقاب يتمثل أمام أعينهموهم يتشدقون بهذا الكلام.

وعلى هذا أطرح عليكم سؤالا .. لماذا نورث أبناءنا سلوكياتنا وتربيتنا ؟؟ فهى لا تصلح لزمانهم فلكل عصر أذان كما يقولون و لكل وقت مفرداته . لماذا اذن لانركب الجمل فى سفرنا و نستغنى عن الطائرات ؟ لماذا لا نستخدم الحمام الزاجل فى المراسلات بدلا من التليفون المحمول أو الانترنت .

فها نحن قد استبدلنا أمورنا المادية بأشياء اكثر حداثة لطبيعة العصر فمن الأولى أن نغير احتياجاتنا المعنوية ومشاعرنا وسلوكياتنا تبعا لطبيعة العصر والزمان فأيه اجدى للإنسان احتياجاته المادية ام احتياجاته المعنوية ؟

لذا يجب علينا أن نقف مع انفسنا وقفة تأمل و تبصر لأى مستقبل نريد ان نساهم فى بنائه و يكون لنا بصمة فى زمن نكون قد ولينا منه . فتربيتك لطفلك تربية سليمة وتعديل بعض المفاهيم الخاطئة هى التى تجعلنا نحيا معهم فى سلام فى كبرنا.

——–

* خبيرة تنمية بشرية وتطوير الذات.

شاهد أيضاً

عادل عبدالستار العيلة يكتب: القناع والظل

عدد المشاهدات = 1677 هناك مسألة نفسية تحدث عنها عالم النفس الشهير (كارل يونج) وهى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.