الأربعاء , 24 أبريل 2024

أبو عيون زايغة..وخطافة الرجالة

= 1981

بقلم: د. علا المفتي *

إن العبارة التي تثير الجدل، وتؤرق النساء وتمتع الرجال، وقد تتسبب في ارتكاب الجرائم ونشوب الحروب أحيانا، هي عبارة “امرأة واحدة لا تكفي” فهل حقا امرأة واحدة لا تكفي الرجل؟!

كان هذا السؤال ينخر في عقلي من آن إلى آخر، وتتناسل منه علامات استفهام جديدة، لتصنع سلسلة من التساؤلات الحائرة التي لا تجد لها إجابات شافية، فهل حقا الرجل خائن بطبعه؟! ولماذا المرأة أكثر وفاءا من الرجل؟! وهل حقا كل رجل متزوج فكر ولو لمرة واحدة في امرأة خرى غير زوجته، أو هفت نفسه لإحداهن رغم أنه يحب غيرها؟ وهل نظام تعدد الزوجات فيه ظلم للمرأة وتدليل للرجل؟ وغيرها الكثير والكثير من الأسئلة المؤرقة.

إن مجتمعنا يربي الفتاة، على أن ترفض مبدأ أن يكون لها بديل عند زوجها، أو أن تصبح زوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة، في حين أنه يرسخ في ذهن الفتى أن من حقه الشرعي أن يعدد الزوجات. وإذا حاول الرجل أن يحصل على هذا الحق المشروع، ينبذه المجتمع ويوصمه بالشهوانية والمراهقة، ويصفه بأنه زير نساء وخائن، كما توصم من ترضى من النساء أن تكون زوجة ثانية، بأنها تسعى لهدم بيت الرجل، وتشريد ابناءه، وتحطيم سعادته مع زوجته الأولى، التي يلحقها العار لأن زوجها فضل امرأة أخرى عليها، وهذا التناقض في الفكر الجمعي كان سببا في البلبلة والمشكلات الزوجية المتعددة، وهدم الكثير من الأسر، وانتشار مشاعر البغض والكراهية بين الأزواج والزوجات، وما ينعكس جراء ذلك على الأبناء من مشكلات سلوكية وعقد نفسية.

حقا إنه لأمر مربك، وإنها لقضية جدلية، لكن إذا نظرنا للأمر بقليل من الموضوعية والعقلانيةن سنجد أن في الأمر حكمة إلهية، فالله عندما شرع التعدد فقد أوجد حلولا لمشاكل اجتماعية وأخلاقية لا حصر لها، فهو حل مناسب للمطلقات والأرامل ومن تقدمن في العمر دون زواج، بالإضافة إلى أن الله خلق الرجل يختلف عن المرأة في احتياجاته العاطفية والجسدية، فهو قادر على أن يضع أكثر من امرأة في قلبه، بعكس النساء، لذلك حلل الله للرجل أن يعدد بينما لم يحلل ذلك للمرأة. كما أن الله جعل النساء أكثر عددا من الرجال، لذلك شرع التعدد للرجال حتى لا تترك امرأة دون زواج، ومن هنا نفهم أن في حكمة التعدد عدالة بين الرجل والمرأة، وليس ظلما لأحدهما أو تفضيل جنس على الآخر.

ومؤخرا ظهرت دعوات لتشجيع تعدد الزواجات، حلا للمشكلات الاجتماعية، التي تنشأ عنها مصائب أخلاقية كالعلاقات غير المشروعة، التي بدأت في الظهور نتيجة لصعوبة أو استحالة الزواج، والذي فرضته العادات والتقاليد المجتمعية المبنية على الأنانية والمفاهيم الخاطئة والمغلوطة، والتي تتنافى مع ما شرعه الله وأحله.

لكن الأخذ برخصة التعدد يجب أن تمارس بحكمة، وتكون لها أسباب موضوعية مقنعة، كي لا تكون ظلما للنساء أو وبالا على الرجال. فعلى الرجل الذي ينوي التعدد، أن يحسب جيدا نتائج إقدامه على استعمال هذه الرخصة الشرعية جيدا، وأن يكون حكيما عادلا بين زوجاته على قدر المستطاع، ويعلم أن غيرتهن كغيرة الطفل الأول عندما يولد له أخ جديد. وعلى الزوجات أن يعاملن بعضهن من منطلق الأخوة وليس التنافسية والبغض والعدوانية، لأن هذا يؤدي إلى إشاعة جو من الاستقرار والمحبة في الأسرة، ويجعل من تجربة التعدد تجربة ناجحة كما أرادها لنا الله، فقد وضعها الله رحمة بعباده، وتيسيرا لحياتهم، وحفاظا لعفتهم، وصون عرضهم وأخلاقهم، كي لا تشيع الفحشاء في المجتمعات.

وأخيرا ليس كل من أراد أن يعدد زيجاته “أبوعيون زايغة”، وليست كل زوجة ثانية “خطافة رجالة” فلكل قاعدة استثناء.

——

* مدرس أدب وثقافة الطفل بكلية البنات – جامعة عين شمس.

 

شاهد أيضاً

د. عائشة الجناحي تكتب: لو كان خيراً

عدد المشاهدات = 1747 ألطاف رب العالمين تجري ونحن لا ندري، فكل شر يقع بنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.