الخميس , 28 مارس 2024

د. علا المفتي تكتب: “لمسات حانية”

= 1822

(الجحيم هو الآخرون) عبارة وردت، على لسان إحدى شخصيات مسرحية (لا مفر)، للكاتب والفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر.

لقد أوجز سارتر بعبقرية في عبارة ساخرة قصيرة، ذلك الواقع البائس الذي نعيشه، حيث أصبح البشر يعذبون بعضهم البعض، تعذيبا معنويا لا ماديا فقط. بل إن هذا التعذيب المعنوي أصبح الأكثر انتشارا، وهو الأشرس والأقوى تأثيرا. متخذين في ذلك مبررات وحجج عدة. فيجرحون بعضهم البعض، بحجة الصراحة. ويسبون ويسخرون من بعضهم البعض، بحجة الهزر والدعابة. ويتصرفون بعدوانية غير مبررة، بحجة أنهم مضغوطون ومزاجهم غير جيد. ويحبطون بعضهم البعض، بحجة النصح والإرشاد. وهناك من الأمثلة على التعذيب المعنوي الذي نمارسه، ضد بعضنا البعض الكثير والكثير.

وهدف حديثي هذا، ليس رصد أوجه وأنواع التعذيب المعنوي، الذي نعاني منه جميعا، وقد يمارسه البعض منا ضد غيره، لكن هدفي أن ننظر إلى المشكلة، وأن يكون لدينا البصيرة التي تكشف لنا طبيعة السلوك الذي نمارسه ضد الآخر، أو حتى ضد أنفسنا، فأحيانا يكون الشخص جحيما لذاته، قبل أن يكون جحيما للآخرين.

وعندما نحدد المشكلة ونستطيع نقد أنفسنا ومواجهتها بشجاعة، حينها يمكننا الوصول لعلاجها وحلها، حتى نصل لذروة السلام النفسي مع الذات والآخر.

وفي رأيي أن جزءا مهما جدا في علاج تلك المشكلة، يكمن في اللمسات الحانية. وأقصد باللمسات الحانية، كل ما يندرج تحت معنى المعاملة الطيبة، فالدين المعالمة، والابتسامة والكلمة الطيبة صدقة، والبشاشة واللين رحمة، وجبر الخواطر رأفة، والتواضع رفعة، ويوجد غيرها الكثيرمن السلوكيات الإيجابية، التي نحتاج أن ندمجها ضمن المنظومة اليومية لعادات التعامل مع الآخر.

ثق يا صديقي أنك ستشعر بالراحة النفسية، والرضا عن الذات وتقبلها، عندما تمارس بعضا من اللمسات الحانية. فابتسامه لطفل في الطريق وإعطائه قطعة حلوى، أو إلقاء تحية الصباح لجارك المسن والسؤال عن صحته، أو حضن دافئ لوالدك أو والدتك، أو زهرة لزوجتك، أو قبلة لابنك، أو كلمة تشجيع لمرؤسك في العمل، لهي من لمسات الحنو، التي يمكنها أن تمحو عبارة سارتر الشهيرة، وتحولها إلى (النعيم هو الآخرون).

————-

* مدرس أدب وثقافة الطفل بكلية بنات – جامعة عين شمس.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: سندوتش المدرسة.. صدقة وزكاة

عدد المشاهدات = 6179 لا ينكر إلا جاحد ان الشعب المصرى شعب أصيل، شعب جدع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.