الجمعة , 29 مارس 2024

“سلوى”..قصة قصيرة بقلم الدكتور مصطفى هاشم

= 2318

منذ عامين تقريباً .. وبدأت الأعراض تزيد بعد ذلك حتي لم اعد احتملها .. يدّي ترتعشان والتنميل في قدمّي ايضاً يزيد ولا استطع القبض علي الأشيـــاء بكلتا يدي .. قالتها هكذا بخلاعة .

لم اعد اتحمّل بينما عيناها ترتعشان .. تتحركان في كل اتجاه
تتعاطين شيئاً ؟
ردت بالنفي القاطع
اللهم الا بعضاً من سجائر مع صديقاتي من ان لأخر لزوم جلسات الانس

الذي احاول تعويضه بعد ان انقطع منذ عامين

لكن جمالي واثارتي كان يتطلب ان اتفرغ لهما
لا خادمة ولا حتي رجلاً يساعدني لأختلي بهما ازيل ما علق بهما من درن المطبخ
لا عليك .. ان لم يناولك الزوج شربة ماء الان فسيضع ثلاجة ماء بارد علي روحك للمارة !
لكنه طلقني قبل ان يكون هناك احتمالية لذلك

انظر من فضلك ..
أتري كيف ترتعش ، امسكهما
نعم , لكنهما الآن قد عاودهما الهدوء والاتزان
نعم ..
ربما كان الطلاق سبباً ويديها الصغيرتين لم تتحملا ان تبقي وحيدتين في هذا العالم الذي قررت اقتحامه بإثارتها
ربما لتثبت انها مازالت مرغوبة ، يداي قالت ذلك حينما تلمستها
ليس كثيراً يا دكتور , ما اذهب لجلسات الأنس تلك
أليس هناك أسباب اخري ، لقد قرأت كثيرا حول هذا التنميل
نعم .. الطب يقول هنالك عشرة اسباب قد ذكرت اولها لمفرطي الحساسية والإثارة مثلك
لكني استبعد منها نقص التغذية ، والعامل الوراثي ، والعيوب الخلقية ، ومرض السكر
ماذا تبقي اذن ؟!
الوحدة .. العامل النفسي ايتها المثيرة !
فأمراض الغضروف ، والأوعية الدموية قد تم استبعادها كما يتضح هنا من الأوراق المرفقة !
بقي وجود الأورام ، وتعاطي الأدوية .. قد قمنا باستبعادها للتو ..
لكن العامل النفسي والاضطرابات الهرمونية هما وجهين لعملة واحدة فكلاهما سبب ولكنهما يمهدّان الطريق لبعضهما
كالرجل والمرأة .. يجمعهما الأنس
ولا انس دون تنميل يدغدغ مشاعرها
اعلم انه شعور مزعج ان تبحث قدميك عن من يلامسها
قدماي اصبحت تؤلمني كثيرا خاصة في الصباح الباكر
لكن التحاليل امامي تنفي وجود التهاب المفاصل بأنواعه
لعل السبب الاول هو ما سنخلص اليه
لا لم اعد أكترث لوجود الرجال في حياتي
كاذبة
تعتقدين ان كل تلك الإثارة التي اجزم انها قد التهمت من وقتك ما يقارب الساعتين من التحضير للانطلاق ، لمجرد ان تبدين اكثر اثارة من صاحبتك
ربما كان سحرا
هكذا قالت لي والدتي بالأمس
همست لي انها استشعرت حسداً في نظرة احدي صديقاتي بينما تمشي خلفي
اصارحك انني غير ملتزمة بالصلاة
كما انك متبرجة بطريقة مثيرة , ستجعل الرجال ملتزمين بمطاردتك حتي السقوط
تبسمت
لكن التنميل هو ما يشغلني
قلتها لك مرارا صدقني
اصدقك لكننا نحاول الصاق التهمة بأحد اللصوص العشرة
سوء العشرة يا دكتور … هو ما سبب الطلاق
تحدثت دون ان أسأل
لقد اقنعتني والدتي ان العشرة بعد الزواج ستجمّع الحب بينكما
اظن انه كانت هناك عشرة طرق لقتل نفسها , لكنها اختارت الزواج بهذا السكين المحلي الصنع

لكن حتي ابني هذا جمعته بعد تلقيح صناعي
كان حلمي كالفتيات الاخريات ان احب واتدلل لكن المجتمع كان مغلقاً
اراه الان اصبح منفتحاً كأزرار القميص الذي حاولت اخفاء جوهرتيه بشال اسود وضعته لمثل تلك الظروف
قالت لي مريضة عجوز ذات مرة
ان بعض النساء محتشمات فقط عند الطبيب
تبسمت ولم ارد عليها
فقد تكفل ابو قراط قديماً بأخلاقي
الا انني لم اذكر انني قد اقسمت امام اي لجنة
توظفت سريعاً دون احتفال ولا ارتداء ذلك الروب الذي اشاهده في افلام الجامعات الخاصة
نظرت للجهة الأخرى حتي لا اجرح بريق القسم الذي اضعه امامي علي الجدار

لكنها قامت مما جعل الشال يسقط ارضاً
انظر
حتي نفسي اصبح صعباً .. كما ان اصواته باتت مسموعة عند كل حركة
لكن صوت القلب كان مسموعاً بدرجة اكبر دون السماعة التي اخترعها طبيب فرنسي ، آمن بأبو قراط ايضاً

كان هاتفها يصدر صوتاً فاستأذنت للرد
فرصة لأجمع معلوماتي واضعها في قالب يتفق و أحد اللصوص ..
كما انها فرصة لتبتعد قليلاً بإثارتها
حتي لا يضعني ابو قراط في امتحان اخر
ان اصعب ما يواجه الطبيب هي تلك الكلمة
يومياً مئات الاختبارات
لكن هنا لا يصحح اجابتك سوي المريض وذويه
يبدو من انتباهها انه كان رجلاً
سمعتها تقول … انها هنا بالمستشفى ، اتركني
ابتعد عني , ارجوك.

اغلقت الهاتف وارتمت علي كرسيها واجمة عابسة بعد ان ابعدته للوراء

انه طليقي يطاردني في كل وقت متعللاً بصغيري
حتي انه يمنعني من الزواج
مجرد التفكير في العودة اليه يجعل اطرافي باردة ومفاصلي تتيبّس, وترتعش عضلات وجهي دون ارادتي

مستحيل ان اعود لذلك المنزل الذي تم جرح كبريائي به عشر مرات
سامحته كثيراً ..
تسع مرات وانا اري عشيقاته علي سريري, كانت الخادمة احداهن .

لقد جرح انوثتي التي لم يعد يقاومها بعد ان خلعت النقاب الذي امرني به ضد رغبتي
أتعلم ؟
حينما رأيته بذلك الوضع ، اول مرة احسست بوخز
, تنميل في كلتا يدي
تنميل اعجز يدّي عن الامساك بتلك العاهرة التي كانت ترتدي احدي قمصاني التي كان يهمس لي سابقاً ، انه يزيدني حسنا واثارة

لكنه ضربني امامها للحد الذي اصبحت اتوسل له ان يتركني لأذهب ويكمل هو ليلته معها
دكتور
ارجوك ..
امي واخي يصّران علي العودة من اجل الصغير
لكن جسدي يرتجف من مجرد الفكرة
كنت أتعاطى هذا النوع من الاقراص المنومة
اشارت به احدي صديقاتي
النوم دون تنميل هو اقصي احلامي
دون دغدغة لأقدامي حتي
دون أنس ..
لقد اتصل بي ايضاً في طريقي الي هنا
لكنني لا أتعاطى شيئاً يا دكتور

لقد بدأت تساعدني في التشخيص

لقد سرق عمري وجرح كبريائي

ها نحن في طريقنا للوصول الي اللص يا سلوي

أتدري ما هو اكثر شعور مؤلم ؟
نظرت بصمت لإفساح المجال امام لسانها للانطلاق
ان تحاول النسيان ولكنهم يمنعوك

تذكرت بيتي شعر لا اذكر قائلهم حقا

‏لا تألُف الروحُ إلا من يُلاطِفُها
‏ويهجر القلبُ من يقسو ويجفاهُ
‏فلا وصال لمن بالوصل قد بخلوا
‏ومن تناسى.. ….فإنّا قد نسيناهُ
لكنه لا يترك لها ترف الاختيار في الاعلان عن مكنون ذاكراتها بوصله وهجره ، بنسيانه او تذكره

عاودني التنميل بشكل اقسي من ذي قبل
كما انني لا اقوي علي الوقوف
اهدي .. لا عليك الوقوف
عليك التمدد هناك
نعم , أرغب بذلك . ساعدني من فضلك
سقط الشال ولم تنتبه لكنني قد قمت بتغطيتها به ، امسكت يدي مبتسمة
دكتور … ما هو العلاج من فضلك
ساعدني

رجاءً لا تصف لي حقن الفيتامين المؤلمة تلك
هناك في الخلف علامات لمئة وخر زادت من ألمي وورمّتهما

نعم هذا الفيزون يوحي بذلك

لا .. انها ليست عقوبة للص الذي وجدناه معاً بعد هذه الليلة

اذن ما هو العلاج
ليس عندي
دعيني اكتبه في روشته

الزواج …
لكن من ذلك النوع المستورد
المستورد ؟
نعم .. الذي يصنّع بالحرية في الاختيار والحب والتدلّل واللوعة والشوق ودغدغة المشاعر

نظرت للسقف .. وصغيري
اتركيه له
لا شيء أقسي من اجهاض حريتك في الاختيار واجباري علي اتخاذ طريق أوحد للعلاج

صدقيني
لقد توصلنا اخيراً للعلاج الناجح

تعرف هي اني اكره استخدام الكيمياويات
مؤمن انا بكلمات ابو قراط التي تم نسيانها مع الترجمة
(( لا تسبب الماً ، وساعد الطبيعة ))

قفزت من سريرها .. واقتربت مني
اذن
هل انتهت زياراتي لك هنا ؟
لا .. انت مرحب بك في كل وقت
اتعلم ..
هناك عشرات الشباب يطاردوني حتي منزلي
منهم من هاتف والدتي طالباً الحضور مساء الخميس القادم
اذن ابلغيها انني ايضاً قادم
ربما اقيّم نوع الدواء وربما ….
ربما ماذا ..
استطعت اجهاضه ..
ابتسمت

ثم خرجت منطلقة برشاقة غزالة
تشبهها في جسدها واتساع عيونها ورائحتها في موسم الامطار

ثم عادت واقتربت مني للدرجة التي اصبحت فيها اري جوهرتيها بوضوح ، لكنني لم التفت للجهة الأخرى
وضعت شالها الاسود حول عنقي
دكتوري : هلا احضرته معك
ليلة الخميس القادم ؟

ناديت بعد ان خرجت بخطوات سريعة
لقد انتهت زياراتي لهذا اليوم
اسندت رأسي للخلف
ابو قراط بقسمه الاصلي ، في المواجهة علي الحائط

(( ولن أعطي عقارًا مميتًا لأي إنسان إذا سألني إياه، ولن أعطي اقتراحًا بهذا الشأن. وكذلك لن أعطي لامرأة دواءً مجهضًا ….. ))
نعم
مجهضاً لاختياراتها

شاهد أيضاً

أوبرا غارنييه … جولة في دار الأوبرا الفرنسية بباريس

عدد المشاهدات = 1270 بقلم الكاتبة/ هبة محمد الأفندي دار الأوبرا الفرنسية بباريس المعروفة بأوبرا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.