الجمعة , 19 أبريل 2024

مي سامح تكتب: إلى ابنتي..!

= 1333

اليوم هو يومُ زِفافُكِ يا قُرة العَين..
اكتبُ لكِ هذا الخطاب حتي اسمح لمشاعِري بالخُروجِ اليكِ علي شكل ورقٍ تلمسهُ انامِلكِ الرقيقه،
ف أنتِ تعلمين انني اُفضل الكتابه عن الحديثِ وجهاً لوجه،
اتعلمين إن جئتَ بأديبٍ فإن الكلِمات المُناسبه في هذا الخطاب ستنفذ مِنه!! لا اعلم كيف سأُرتب كلماتي و اضعها في جُملٍ مُرتبه و لكن اعلمُ جيداً بأن الحظ حليفي لأنكِ ابنتي التي اُحبها و افتخرُ بها كثيراً..

اتَذكر يوم مَولِدُكِ حين جاءت والدتك تصرخ و تبكي قائلةً إنها تشعر بكِ و كأنكِ علي عجلةٍ من امرِك فيما يُخص مجيئك لعالمِنا الصغير، اخذتُ والدتكِ مسرعاً إلي المشفي، تذكرتُ حين سمعت صوتَ صُراخك و دموع الفرحه التي تلألأت في عَيْني ثم شعرتَ بدفئِها علي وِجنتيّ، ها انتِ بين يداي تلتقطين اصبعي الصغير بين كَفكِ الأصغر، اتذكر سعادتي و أنا احمِل قطعةٌ مِني و كأن رَوحي قد قَسْمها اللهُ بيني و بينكِ، تتحولين إلي زهرةٍ امامي لم تكن قد تفَتحت بعد و لكني كنتُ آراكِ زهرةً تجذبين مَن حولِك برائحتكِ الجميله، تكبُرين امامي ف اجلس احياناً اتأمل وجهكِ و انتِ تلعبين و في عيني نظرةُ المُحب و الخائف علي اهم انجازاتهِ الصغيره، اتُذكرين أول يوم بالمدرسه؟ حينما كنتِ تبكين في حُضن والدِتك؟

حينها اخذتُ اعبث بجدائِلك الصغيره و اصنع بها شنباً مستعاراً حتي تضحكين، اتذكرين ايضاً عندما كبرتِ في السن قليلاً يوم رجوعك من المدرسه و انتِ تحملينَ الشهاده التي تُقيم مُعدل اختباراتك الشهريه حينما كنتِ تبكين لأنكِ لم تستطعي أن توُفي بوعدِك ليّ بأنْي سوف اري اسمك في صفِ المتفوقين، حينها قُلت لكِ..

ليست الوعود كُلِها من الواجبِ تنفيذُها يكفينا شرفَ المُحاوله سوف نُحاول مرةً آخري مقدار ما حيينا يا بُنيتي لا تبتأسي هكذا امامكِ فرصةً آخري و مادام هناك فرصه لا تحزني ابداً حينها رأيتُ ابتسامه احتلت معالمَ وجهكِ الجميل، فأرتسمت الأبتسامه علي وجهي اضعافاً، اتذكرين ايضاً حيرُتك عند اختيار الجامعه التي تليقُ بكِ طالما حَلِمت بدخولِك الفنون الجميله ف رسوماتكِ منذُ كنتِ طفله كانت توحي ليَّ بذلك، اتذكرين حين قمتِ برسمي و رسمكِ و انت تتشبثين بأذرُعي؟! حينها فقط علِمتُ اني لن استطع أن اتحمل فراقكِ يوماً ما، و ها قد كان..

لقد دخلتِ الفنون الجميله و اصبحتِ بارعةً في ذلك المجال، برغم غضبي منكِ في بعض الأحيان و خَوفي الشديد مما هو آتٍ بل خوفي ايضاً من أن يأتي احدٌ و يذهب بكِ بلا عوده، سامحيني يا طفلتي إن كنتُ شديدُ الحرصَ عليكِ، إن كنتُ اغفل حقيقةَ الأمر بأن سيأتي اليوم و ترحلين ف تترك روحي الثانيه جسدَها الهزيل و تتلبد السماءُ فوقي بالغيوم حتي تُقرر أن تفيضَ ما هو بداخل جوفِها كما يفيضُ قلبي بما في جوفِه في اوراقٍ لربما تُريحه قليلاً،
و ما كنت انتظرهُ قد حدث!

يوماً ما جئتِ تعبثينَ حولي كالطفله و انتِ بالخامِسةِ و العشرين حتي اُدليّ اليكِ بموافقتي علي ذلك الرُجل الذي اخترتيه بكامِل إرادتِك فهو فنانٌ مثلك و ملئٌ بالحيويه و البهجةِ مثلُك لم اجد عيباً حتي ارفض، قلبي كان يرفض قبل فمي و لكن لم استطع أن امنع ذلك من الحدوث بعد رؤيتك و انتِ تخبرينه عبر الهاتف بموافقتي، كانت السعاده قد وجدت مستقراً لها في قلبِك و كأنك فراشةٌ تستكينُ علي زهرِتها المُفضله فيمتزجانِ معاً في أجملِ صوره، زاد وجهكِ اشراقاً كالشمس التي توسطت السماءَ بعد ليالٍ من الشتاءِ الغزير، و جاء يومُ الزفاف، اليوم الذي ينتظرهُ الجميع..

كنت انتظره ايضاً و لكن شئٌ بداخلي يأبي الأعتراف و كانت ليله من أجمل ليالِ العمر، محظوظٌ هو لأنه وجد حور عَينه في الدنيا قبل الآخره، عدت للمنزل مع والدتك التي كانت تبكي من السعاده و سجدت لربِها داعيةً لكِ، فعلتُ المثل و لكن قلبي كان علي غِرارِ ذلك، شعرت بذاكَ الفراغ بهِ قبل الفراغ الذي تركتِه في بيتِنا، اكتُب لكِ هذا الخطاب لأُعلمُكِ كم أُحبْك و كم كُنتُ مقصراً في التعبيرِ عن حُبي اليكِ..

لتعلمي أني اتمني لكِ الحياه التي و طالما حلمتِ بِها، اليوم انتِ اُم لذلك الصغير الذي يتشبثُ بكِ مثلما كنتِ تتشبثين بي، تشعرين بكل ما اشعرُ به و اكثر مِنه

في نهاية هذا الخطاب اردتُ أن اقول

راضٍ قلبي عنكِ و حُبكِ سيظل في قلبي حتي الممات.

اخذتُ اقرأ هذا الخطاب و اتحسس تلك الكلمات بأناملي و اشعرُ بها تخترق قلبي تعلو و تخفض نبضاتهُ و ابكي، ابكي كثيراً، ابكي فراقه و ابكي لأني لم اكن اعلم كل ذلك عَنه سوي أنه اميري و حبيبي الذي ترك لي نسخةً صغيرةً مِنه و كأنه عوض اللهُ ليّ ليُربت علي قلبي المتألِم، لا استغربَ نفسي لأني تعلقت بصغيري مثلما تعلقت بوالديّ العزيز، اشتاقه كثيراً و اشتاق رائحة عطِره، نظرتُ إلي طفلي و تمنيت أن يأخد شكلهُ شكلَ جِده حينما يَكبُر ايضاً حتي يظل امامي و تحيا ذِكراهُ في قلبي.

 

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: صلاة الرجال مع النساء.. باطلة!

عدد المشاهدات = 3683 نشر فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب على صفحته الرسمية على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.