الثلاثاء , 23 أبريل 2024

عادل عبدالستار يكتب: البحث عن الذات..!

= 1110

أتعجب من هؤلاء الذين يَدّعون أن الدين هو سبب تخلفنا ، وكآنهم يريدوا أن يبحثوا عن هوية غير هويتهم ، او ذات غير ذاتهم ، ويعتقد أن الغرب ما وصل الى ما وصل اليه إلا بهجر الدين والتنصل منه ، والاعجب إنك تراه ورغم إيمانه بالغرب تجده فى بلده يقوم بكل ما هو سيئ ، يتكلم عن الحرية ولكن ما ان تصطدم تلك الحرية مع مصالحه الا هاج وماج ، تجده يتحدث عن حقوق الانسان وتجاوز الشرطة وما أن تسرق خادمته منه شئ الا وذهب وقال للشرطة افعلوا ما تريدوا المهم أن أشيائى تعود !!! ، تجده يتحدث عن حقوق المرأه وحين تختار المرأه بكامل حريتها وارادتها الحجاب ظل يلعن فيها وينتقدها !!! .

ثم نعود مرة أخرى الى الدين وإنه سبب لتخلفنا كما يدعون ، أقول لهم ماذا تقولوا في اليابان التي يتوزع مواطنيها في ولاءاتهم الدينية بين الشنتو 32 مليون والبوذية 96 مليون وغيرهم دون ان يؤثر ذلك بشيء او بآخر على تقدم اليابان ومكانتها الحضارية ودورها في صناعة مستقبل البشرية والاحترام الذي تحظى به بين شعوب الارض رغم ما مرت به من ظروف قاهرة لم يعرفها العرب ، وفي دول مثل ايسلندا والدنمارك والنروج اشارة واضحة في دساتيرها الى مكانة الدين في الدولة ، ومع ذلك تعتبر هذه الدول نماذج متقدمة للدول الديمقراطية المتحضرة.

كما تشير المادة الرابعة من الدستور الدنماركي الى ان الكنيسة الانجيلية هي الكنيسة الرسمية للدولة ، وفي المادة السادسة اشارة واضحة الى ان الملك يجب ان يكون منتميا للكنيسة الانجيلية ، وفي المادة 66 بالزام تطبيق دستور الكنيسة الرسمية بقوانين الدولة ، اما القوانين البريطانية فتنص حرفيا “ليس هناك مانعا على أساس دينى من تقلد المناصب العامة ما عدا منصب السيادة العليا للدولة (الملك أو الملكة) الذى يجب أن يكون صاحبه بموجب القانون بروتستانتيا ” ( يعنى دين برضو ) كما ان الملك او الملكة بموجب القانون هو نفسه الحاكم الأعلى للكنيسة الانجيلية وهو الذي يعين الاساقفة ورؤسائهم.

كما ان من حق السنودس ” المجمع الكنسي الانجيلي ” أن يقدم إقتراحات بقوانين تعد سارية و معتمدة بعد إعتماد البرلمان لها. وينص القانون البريطاني أيضا على أن ” كنيسة انكلترا و كنيسة اسكتلندا هما الكنائس الرسمية المقررة لمراسم الدولة ذات الطابع ديني ، ويعتبر المجلس الروحي الذي يضم 26 عضو يشترط ان يكون دينهم المسيحية الانجيلية وان يكونوا اساقفة في الكنيسة الانجيلية .

كما ان دولة الاحتلال الاسرائيلي تعتبر نفسها دولة يهودية ،ومع ذلك فان الدول المذكورة تتقدم باستمرار وتعتبر من الدول الاولى في العالم دون ان يذكر احد ان لذكر الدين او مكانة الدين في قوانينها ودساتيرها أو حرية ممارسة التدين وشعائر الدين والاعتقاد والتعبير عنه كان سببا من اسباب التخلف او مانعا لتقدم وتطور واستقلالية وحرية هذه الدول وشعوبها .

واقول لنا جميعاً … لم ولن يكون الدين ابداً سبب فى تخلف الناس ، ولكن دائما سبب فى رقيهم وسموهم ، ولكن السبب الحقيقى فى تخلفنا هو عقولنا – طريقة تفكيرنا – جهلُنا وعدم السعى للارتقاء بانفسنا عن طريق المعرفه والعلم وجودة التعليم ، والبحث العلمى واقول بصوت مرتفع أيضاً أن واحد من الاسباب المهمه لتخلفنا ليس الدين كدين ، فالدين له مكانته الروحية الساميه ، ولكن هناك منا من حول الدين من معناه السامى الراقى الى مجرد مظاهر مُفرغة من جوهر الدين ، فالذين ينشغلون بتأليف وطباعة ونشر نصوص وادعية للدخول والخروج من البيت والسوق والحمام وما شابه ليس لهم علاقة بجوهر الدين لا من قريب ولا من بعيد, والذي ينشغلون بتأليف تصورات مريضة عن مدة الجماع الجنسي أو عدد الحوريات والوصيفات او اشكالهن وجمالهن في الجنة التي لم يزرها احد بعد ولم يأت يومها بعد ، ثم جاء من يشغلنا بأمور ما انزل الله بها من سلطان مثل بعض الفتاوى كفتوى ارضاع الموظفة لزميلها ، او جماع الوداع او جهاد النكاح او تحريم امساك المرأة ببعض انواع الخضار بسبب شكلها ، أو تأثير استخدام شطافة المرحاض على الصيام كل هؤلاء عقول مريضة يجب استئصالها من المجتمع بل ومن التحدث فى الدين ا
ولا قبل المجتمع ، حتى لا ينتشر فكرهم العفن ، وقد صدق شيخنا الشعراوى حين قال أن التدبر يحمى من حماقة التفكر ، علينا أن نتدبر فى جوهر الدين ، لا أن نتمسك بقشور ونصنع منها قضايا تشغلنا عن ما هو أهم واعمق وأشمل .

أخيراً أقول … إن المجتمعات أبداً لا تُقاس بما تملك من أشياء وإنما دائما ما تُقاس بما تملك من أفكار ، وإن واحده من أهم خمس أزمات تواجه مصر بل والامه العربيه بأكملها هى أزمة الفكر…بالاضافه الى أزمة التخلف (الاميه وعدم جودة التعليم ) والسلوك وعدم الانتاجة والقياده ، علينا أن لا نتهم الدين فالدين وُجد من أجل الارتقاء بالانسان وليس العكس ، علينا أن نؤمن ونسعى أن ننتقل من الارتباك الى تحديد الهدف ومن يأس الماضى الى أمل الغد ، علينا قبل أن نستفيد من عبقرية المكان أن نستفيد من عبقرية الافكار ، فالمعرفه تسبق الموقف ، والرؤيه تسبق الرأى ، وإكتمال الوعى يسبق مكارم الاخلاق ، وفى ذات الوقت على مُفكرينا وعُلمائُنا أن يتحملوا مسئوليتهم بأن يصنعوا منظومة معرفيه نحن فى أحوج الحاجة إليها … عليهم ان يصنعوا الفكرة وعلى الدوله ان تصنع الحركة ، عليهم أن يُقدموا المعرفه وعلى الدوله أن تأخذ الموقف ، عليهم أن يُقدموا الرؤيه وعلى الدوله أن تأخذ الرأى ، عليهم أن يُقدموا الوعى وعلى الجميع أن يقدم مكارم الاخلاق ، حينها سنشعر بذاتنا وسنحترم هويتنا التى هى فخرنا لا أن ندعى كذباً أن الدين هو سبب تخلفنا !! يا قوم ما لكم كيف تحكمون ؟!!

حفظ الله اسلامنا .. حفظ الله مصر .. أرضاً وشعباً وجيشاً.

—————-

* ممرض بالطب النفسي.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 1361 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.