الأربعاء , 24 أبريل 2024

“إنها لَعنْتي”..قصة قصيرة تكتبها مي سامح

= 1367

دَقْت الساعه معلنةً أنها الثانية عشر، لطالما كـَرهتُ منتصفَ الليلِ الذي يأتي بأوجاعهِ و افكارِه، فالجميع يعلم أن الأغلبَ العام في ذلك الوقت يُشْت ذهنه بعيداً عن الواقع الذي يعيشه حتي يستطيع أن يُنهي يومَه بشكلٍ يُليق بِه أو لا يليق، قررتُ أن اجلس في المكانِ المخصص لي، الذي اجِدُ بهِ كياني، الذي اُطلق به العَنانَ لخيالي ألا و هو مكتبي العزيز الذي تناثرت عليه اوراقي التي لم يسعفني الوقت كي اُعيد ترتيبها من جديد و لأني شخصً يَكره الفوضي و بشده، قُمت بجمعِها و وَضعِها في جانبٍ من جوانِبه
ثم التقطت قلماً و لكنه ليس كأي قلم، هذا القلمُ كان من شخصٍ عزيزٍ و كأنه قد اعطاني مفتاحَ دخولِ عالم الأحلام، عالميّ الخاص الذي كُنت اُخفيه احياناً حتي عن نفسي..

قُمت بإلتقاطِ انفاسي و شعرت بالقلمِ و هو يرتعش نتيجة اهتزاز يدي التي افتقدت شعورَ الكتابه منذ وقتٍ لا بأس به، هل اقوم بإشعالِ السيجاره التي وَضعتُها في جيبٍ من الجيوب؟! لا ليس الآن.. لعل صَدري يحتاجُ بعضً من الراحه كما آمرني الطبيب المُتابع لحالَتي المُتأخره بعض الشئ.

طردتُ هواجسي و عُدت لإلتقاط قلمي ثم بدأتُ بالكتابه…

حفلٌ في قصرٍ كبير بمناسبة العام الجديد تَم دَعوتي إليه من أحد كبارِ هذه البَلده هذا الرجل المتغطرس الذي اعرفه جيداً و لكن كان يجب عليّ الحضور علي ايّةِ حال بُناءً علي رغبة والدايّ و حديثهما مراراً و تكراراً عن موضوعٍ واحد “يجب أن تذهب يا بُنيّ ف ربما تخرج من هناك برفيقة العُمر أو وظيفةٌ في مكانٍ مرموقٍ أو مكانٍ أفضل، الكتابه لن تُفيدك بشئ علي الإطلاق!!”

كان يجب أن اذهب حتي لا استنفذ طاقة المُجادله في شئٍ مفروغٍ من امرِه..

حفلٌ راقص تتعالي به اصوات الموسيقي المختلفه، تتبادل به كؤوس النبيذ و كأنها مُجرد مياه أو عصير، حُللٌ و فساتين متعددة الأشكالِ و الألوان، العديد من الشواربِ و اللُحلي، السيجار الشهير في ذلك الوقت، جلستُ في جانبٍ من جوانبِ القصر اُراقب دخول الأزواج و العُزاب استدرت بوجهي لكي اطلب من النادلِ كأساً من هذا النبيذ الذي يصطدم بداخلِ اكوابه بين ايدي الجميع!! اخذت أول رشفه و اغلقت عينايّ من شدة تركيزَه ما الذي يعجب الجميع بهذا السائل المُر علي ايةِ حال!
زاغت عينايّ قليلاً بعد أن قررت أن استكمل ذلك الكوب اللعين و لكن استحضرتُ ذهني قليلاً و اغلقت نصف عينايّ في تركيز حين رأيتُها تدخل من بابِ القصر، كانت ترتدي فستاناً اتخذ شكلَ جسدِها المُتناسق، ذو لَون احمر داكن و قد كُشف منه ذراعيها فقط و هذا الحِذاء الذي يُخفي قِصر قامتها، علي مسافةٍ غيرِ بعيده عنها رأيتُها تُرسل ابتسامات لكلِ مَن تَعرفه أو حتي لا تَعرفه، جميلةٌ هي حينَ تضع يدها علي فَمها بعد كل ابتسامةٍ لا اعلم لماذا تُخفيها رغم اصطفاف اسنانُها و كَأنها تنتظر ثَغرِها ليضحك حتي تلمع كاللؤلؤ ليُضئ امام وجه من يقف امامها، تَجول عيناها في كل اتجاهٍ ربما تبحث عن شخصً ما أو حتي يطمأن قلبُها فقط؛ لأنها شخصٌ مضطرب قليلاً وَسط الحشود، علي ما يبدو أنها تُريد أن تشعر بالدفءِ بالأجواءِ المُحيطه حَولِها، يَنسْدلُ شَعرُها علي ظهرِها يتخلله تَمويجةٍ مميزةٍ و كأني اري الحرير و هو حديثَ الإنتاج مَطوِيّ بعض الشئ امامي في احسنِ صورةٍ و تجسيد، عيناها اللَوزيه البُنية اللونْ اري بهما لَمعةً اُقسم إن ضُربَ أي شعاعً من الضوء بِهما لانتَبه الحضورَ و ذابوا عشقاً من جمالِهما، زُيّن صدرُها بعُقدٍ رقيقٍ لا يختلف عنها تماماً، تناثرت بعضٌ من خُصلاتِ شعرِها امام خدْيّها فقامت بإرجاعهم خلفَ اُذنيها لتكشف عن ذلك القِرط الذي يتماشي كثيراً مع ذاك العُقد الجميل اللذان اضافوا جمالاً علي جمالِها.. انتَبهَت لعينايّ و هي تذهب و تعود معها و كأنها سطورٌ في كتابٍ احاول استخراجَ الكلمات المناسبه لحالتيّ مِنه و لكن اجد كل الكلِماتِ في صَفي و كل الكلماتِ مميزةً لا استطيع الأختيار ولا استطيع أن اُشير بأصبعي علي كَلمةٍ مُحدده فكُل الكتابِ يُثير انتباهي و اريد أن اتحدث مع الجميعِ عَنه

هَدأت الموسيقي بعض الشئ، خُفتت الأضواءَ قليلاً
لتُعلن عن تلك الرقصه الثنائيه بين كل رجلٍ و محبوبتِه، ترددتُ كثيراً لأُخبرها و إن كانت آخِر رقصةً ليّ فهَل تسمحين ليّ بها و ليَختفي العَالم من حَولِنا و كل شئ!!

لَاحظت ارتباكيّ و ابتَسمت و ادارت وجهها باحثةً عن ذلك الشخص الذي سيتجرأ امام كل تلك الأنوثه المُجتمعه في شخصٍ واحد، ادركت اني يجب أن اتقدم بسرعه لأكون أول من يفوز بتلك الرقصه، تَقدمتُ نَحوَها في هدوءٍ و مددتُ يديّ امامي..

– تسمحيلي ؟!
قالت مُبتسمه مع انحناءه سريعه كالأميرات
– اكيد

ها هي اصبحت بين يدايّ كنا نَرقص و نَرقص في خفةٍ، التقطُ يدها لأجعلها تستدير و من ثَْم اجعلُها تنحني ليُقابل وجهي وَجهُها الملائكيّ لتعود معي مرةً آخري علي نفسِ المستوي واقفةً لنستكمل تلك الرقصه التي لا اريدُها أن تنتهي ابداً؛ فقد وجدت ضَالتيّ و اهتدَيتُ إليها الآن، تتناغم ارجُلنا مع نغماتِ الموسيقي تأخذ خطوةً للخلف لأقوم انا بأخذِ خطوةً للأمام اكاد أن اشعرَ بالعيون التي تُتابع خطواتـنا متسائله عن كل هذا التناغم و من اين قد اتي؟!
انتهت الرقصه و تمْعَنت في وجهِها قليلاً، اكادُ أن اري السعاده و هي تَحتل مكانها في عينيها البُنيتين..

ثم اَخذت الصوره تتلاشي شيئاً ف شيئاً و اخذ صوتُها يبتعد.. لا اعلم ماذا يحدث!

و لكني شعرتُ فجأه بشعاعِ الشمس الدافئ و هو يُداعب وجهي بلطفٍ و لكنه ازعج عينايّ قليلاً، استيقظتُ لأجد رأسي قد وَجدت مكانَها علي مكتبيّ، اخذتُ اُقلب في اوراقي و لكني لم اجد نفسي قد انهيت نصف ما كنت اكتبه حتي! لابد و أن عقليّ الباطن قد شعرَ بثقلِه و اراد أن يفصِل عن عالمِنا المُزري و قد اتخذ قرار بأن يجعلني اراها مجدداً في حُلمي و يسرد هو ما كنت اكتبه علي هيئةِ حُلم اكاد أن اُميز ما ان كان حُلمٌ أم واقع..

مجدداً؟! نعم هذه ليست أول مره تأتي لزيارتي في احلامي لتُقرر أن تستلذ بعذابي و تُضيف وِحدةً علي وِحدَتي عندما قررت أن تتركني و تذهب؛
لاتهامها ليّ بجنونِ الغيره و الحُب المفرط، غبيةٌ تلك المرأه الم تعلم أنها أجمل امرأةً وَقعت عليها عينايّ اردت الحفاظ عليها و بشده و لكن اذا اردت الحفاظ علي شئٍ بأقصي ما اُتيت من قوه سوف يأتي عليك اليوم و تفقِده بسبب خَوفِك المستمر..

ذلك الوجه الذي و طالما كان الوجه المُفضل لديّ، ذلك الوجه الذي كان سبباً في آلامي و حُزني الشديد علي فقيدتيّ الغاليه لم استطع الحب من بعدِها و اعتقد اني لن استطع كلما حاولتُ الركوض بعيداً عنها

تأتي في احلامي و استأنس بُقرب طيّفها في واقعي
إنها لعنتي التي لن اتخلص منها إلا بإنتهاءِ حياتي..

نظرت إلي ذلك القلم الذي قد سبق و اشرتُ اليه أنه من شخصٍ عزيز ف هي التي اهدتهُ ليّ لأنها تعلم كم أنا مُتّيم بتلك الموهبه التي منحني اللّهُ اياها، تركتُ القلم و قُمت بإشعالِ سيجارتيّ التي لم تخذلني ابداً ك رفيقةً في السَكن و الآلم، فتحتُ ستائريّ علي مِصرعِيها، ستائريّ التي حَرصت علي اختبائي ورائها ك مصاصِ الدماء الذي يَهاب أن يخرج للشمس، و لكن مع تشتتي و هذياني قررت الخروج إليها افتقدتُها بعضَ الشئ، اخذتُ من السيجاره انفاسً بما يكفيّ صدري و يُرضيه ثم القيتُها بعيداً و نظرتُ إلي السماء متمنياً أن اراها يوماً ما و اسمعها تقولُ ليّ :

لقد غفرتُ لك ماضيك الذي لم يكن بكلِ هذا السوء
ايقنتِ حُبِكَ الشديد متأخراً حتي و لو كان يؤرق راحتي..

و لكن هيهات اعلمُ يا الله أنها لن تغفر ليّ، وحدك تعلم أني حاولت أن افوزَ بها العديد من المرات و لكني لم اُفلح، إما أن تجعلها بين يديّ مرةً آخري أو تجعلني انسي حُبِها الذي احتل قلبي كالغزو الذي لا يوجد جيشٌ كي يتصدي له.

شعرتُ ببِضعً من قطراتِ الماء و هي تسقط علي وجهي لابد و أن الشتاءَ يُرحب بخروجهِ، ها هو قد خرجَ من كهفهِ لا يعلم هل يعود للاختباء مجدداً ام هي اشارةٌ له كي يعود قلب هذا الجسد لينبض بالحياةِ مرةً آخري.

شاهد أيضاً

إنجي عمار تكتب: قبل ودبر..!

عدد المشاهدات = 4242 قبل ودبر بضم الحرف الاول من كلتا الكلمتين. كلمتان بينهما تضاد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.