السبت , 20 أبريل 2024

عادل عبد الستار يكتب عن: ثقافة الازدحام..!

= 1363

قٌدر لى أن اتواجد فى جهة حكومية فى إحدى الدول العربية.. تتميز يقيناً بجودة الحياه والرقى والنظام وبسهولة شديدة تستطيع ان ترى هذا حولك فى كل مكان …. الا اننى رأيت عكس ذلك تماما فى تلك المصلحة الحكومية …. وذلك نتيجة الازدحام الشديد جدا والمستمر دايماً وذلك لطبيعة عمل تلك الجهة … وقد تأملت فى المشهد جيداً وتأملت سلوكيات الناس … ومن هنا جاءت فكرة المقال وعنوانه.

حقاً إن الازدحام يخلق ثقافة خاصه به … وسلوك خاص به .. مع الازدحام تتأثر الناس به سلبياً … فتذهب مكارم الاخلاق … يقل الحب … يقل العطاء والتضحية … ويختفى الايثار …. تزداد الانانية …ويزداد سوء الخلق … بل يزداد الفساد بكل اشكاله … فتجد الرشوة والواسطة وما إلى ذلك … يقل الحلم والصبر … وتضيق النفوس بما رحٌبت … مع الازدحام يقل الامل لحساب اليأس …. يذهب الادب لحساب قلة الادب … تعلوا الاصوات …

ومع ارتفاع الاصوات ودون أن ندرى تذهب الضمائر او تتوارى عن الانظار …. مع الازدحام تكفر بالعلم والنظام …رغم انه يجب ان ترجو وجوده وإعلاء شأنه …. مع الازدحام يضيع الرٌقى بل ربما اتجاسر واقول ان على صخور الازدحام تتكسر ملامح الحضارة …. فى الازدحام تضيع مكارم الاخلاق تحت الاقدام.

إن ما سبق يجعلنا نتأمل بشئ من التأنى فى الشأن المصرى … لا أنكر أننى واحد ممن ينتقدوا امور كثيرة فى مصر … ولكنى اليوم أرى انه ربما نحملها اكثر مما ينبغى … فإذا كان للازدحام ثقافة خاصه به وسلوك خاص ناتج عنه .. فما بالنا إذنً والازدحام عندنا فى كل مكان وفى كل وقت …. لا نستطيع أن ننكر أن مدرس يشرح لفصل فيه 20 طالبا سيكون مختلف حتماً عن آخر يشرح لفصل به 60 طالبا … انا هنا لا اقصد إيجاد مبرر للاهمال ولكن افسر لماذا الإهمال …. وفرق كبير بين التبرير والتفسير … ونستطيع أن نقيس على مثال المدرس كل الامثلة الاخرى … فطريق يمشى عليه مائة سيارة غير طريق يمشى عليه ألف سيارة وهكذا .

وهنا يأتى السؤال الاهم….كيف يمكن أن نتفادى سلبيات وثقافة الازدحام؟

١ / يأتى الفرد فى المقام الاول لتغير تلك الثقافة وما يترتب عليها من سلبيات … فعليه ان يرتقى هو بنفسه … او بلفظة اخرى عليه أن يبدأ بنفسه …وسأقدم لكم الدليل على أهمية هذا ….ألم تسأل نفسك يوماً كيف لاكثر من ٢ مليون مُصل فى الحرم يصطفوا ويستقيموا بمجرد أن يقول الامام إستقيموا للصلاة …ببساطة شديدة لان كل مٌصلى يبدأ بنفسه ..لذلك لا يأخذ الامر اكثر من ثوانى … لان تلك الملايين تتحول لرجل واحد فى لحظة واحدة …. لذلك دعوتنا أن يبدأ كلا منا بنفسه … فيخلق نظام ويحترمه.

إن مشكلة الكثير من الناس تتلخص بأنه يعي سلبياته ولكنه يخفق في كيفية تعديلها. كما يركز البعض على تعديل نواقصه ويتجاهل قدرته على تكوين مهارات وعادات إيجابية.

إن تكوين العادة الإيجابية وتشكيل السلوك السليم يأتي من خلال وجود حافز قوي يدفع الإنسان إلى الإصرار والرغبة في تحسين أسلوب حياته وتنمية شخصيته، ومن هنا تتولد العزيمة التي تهيمن على الإنسان لاستنطاق أفضل ما لديه. لذلك يجب يكون الحافز لنا هو الرغبه فى الارتقاء بأنفسنا والارتقاء بجودة الحياة التى نعيشها … لاننا سنكون نحن أول المستفيدين من هذا .

٢ / التفكير خارج الصندوق …. وهنا يأتى دور الدولة ومراكز البحث والعلماء والمُفكرين …. فلسنا وحدنا فقط من نعانى من الازدحام … ولكن وحدنا فقط نعانى من ثقافته وما اكتسبناه من سلوكيات ناتجه عنه … ربما تعانى الصين مثلا من هذا ولكن ما اعلمه جيداً أن السواد الاعظم هناك نظم الامر وأوجد الحلول وتلك هى مسئولية الدوله ومُفكريها.

٣ / إن الإعلام وهو المسئول الاول عن تشكيل وجدان وثقافة الشعوب عليه دور مهم للغايه … فعليه أن يخصص مساحات كبيرة لديه لبث ثقافه جديده … ثقافة النظام والرقى … ثقافة أبدأ بنفسك .. ثقافة التعاون واحترام القانون والحفاظ عليه.

٤ / المساجد وخطباء الجمع … إن المسجد يجب أن يكون هو المدرسة الاولى والاهم … فعلى الأئمة أن يبثوا روح الحب والمودة والرحمة بين الناس … عليهم أن يوضحوا أن الاسلام هو دين النظام والرقى هو دين السمو … دين دائما يدعو للجمال وليس القبح … ويشير علم النفس الى أن الإنسان ينطلق في قرارته من خلال عاطفة تدفعه أو أفكار تستحث مشاعره أو أحيانا صدمة أو أزمة تؤثر في مجريات حياته.

كما أن الرغبة والميل للتغيير من الدوافع الأولية التي تجعل الفرد يعمل على تكوين العادات التي تجعله مؤهلا لخوض تجارب الحياة بمتعة. ولا شك أن قرار التغيير الأصيل هو ذلك القرار الذي يتولد من حاجة الفرد إلى الشعور بالرضا عن حياته، ووعيه التام بأهمية امتلاكه لما يحميه من التصادم مع الحياة وتجنب مواقف الصراع التي قد تتولد من جهل البعض بكيفية إدارة حياته وكيفية المواجهة بشجاعة.

(حفظ الله مصر … ارضاً وشعباً وجيشاً)

————-
* ممرض بالطب النفسي.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: صلاة الرجال مع النساء.. باطلة!

عدد المشاهدات = 4375 نشر فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب على صفحته الرسمية على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.