الخميس , 28 مارس 2024

عائشة الجناحي تكتب: إنعدام الضمير المهني!

= 2363

حاولت تصيّد الفرصة المناسبة لتفاتح مديرها بالموضوع المهم الذي لا يحتمل التأخير أو التأجيل، فتوجهت إلى مكتبهِ مباشرةً، وطلبت أن يسمح لها بالتحدث معهُ على انفراد في موضوع شخصي يعتبر بالنسبةِ لها غاية في الأهمية.

وللحظة شعر المدير بقلبه يتمزق من شدة احمرار عينيها ودموعها النابعة من قلب يملؤه الألم. فقال لها «كيف أستطيع أن أساعدكِ، أخبريني؟»، تنهدت تنهيدة عميقة ثم أخبرته بأن صديقتها المقربة جداً أصبحت مقعدة فهي تعاني من مرض نادر وتحتاج إلى مرافِق؛ لأن ليس لديها من يستطيع مرافقتها وهي في هذه المحنة. فتتضارب مشاعر المدير بين حزن وارتباك ويقول «يمكنكِ الذهاب وسأكلف بعض الموظفين بمشاريعك بسبب ظرفك، أتمنى لرفيقتك الشفاء العاجل».

قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «إن لله تعالى أقواماً اختصهم بالنعم لمنافع العباد، يُقرِّها فيهم ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم». فالله تعالى إذا أحب عبده سخره لقضاء حوائج الناس، أما إذا كان ممن لا يحبه الله انصرف الناس عنه وأصبح منسياً. وهذا المدير كان حريصاً على أن يكون عوناً لموظفيه بغض النظر عما يحمله البعض من نوايا سيئة.

في الواقع، كثيرة هي قصص علاقة المدير بالموظف منها الإيجابي ومنها السلبي، ففي بعض المؤسسات يكون المدير ظالماً والموظف ضحية، وفي مؤسسات أخرى يكون المدير عادلاً ومتفهماً والموظف كاذباً ومهمِلاً. وللأسف أصبح الكذب في مكان العمل اليوم هو السلوك المهني المتبع من قبل البعض بهدف الخروج من العمل أو التغيب عنه لأسباب خاصة.

يخبرني أحد المديرين أن الضمير الحي هو ما يضبط أخلاق الموظفين وتصرفاتهم في العمل، وانعدامه يجعلهم سلبيين ومعدومي الأمانة الوظيفية. وبالتالي ينعكس ذلك بشكل سلبي على بيئة العمل، لأنهم يستغلون زملاءهم أو يكذبون ويتهربون من العمل دائماً.

«الكذب لا يخفي الحقيقة، إنما يؤجل انكشافها».

بدأت الموظفة بالتواصل مع متابعيها عبر تطبيق السناب شات لتنشر كل تفاصيل رحلتها في الخارج، حيث كانت صديقتها في أفضل حال ولم تكن مقعدة كما أخبرت مديرها. الأمر الذي لم تستوعبه هو أن مديرها من ضمن المتابعين، والذي لم يتهاون للحظة لإرسال رسالة خاصة يقول فيها «أشكركِ على هذا الاستغفال، أنا لا أراكِ على قدر المسؤولية في بيئة العمل، سيتم نقلكِ إلى فرعٍ آخر».

(كَبُرَتْ خِيانَةً أنْ تُحَدِّثَ أخاكَ حَدِيثاً هُوَ لَكَ بِهِ مُصَدِّقٌ، وأنْتَ بِهِ كاذِبٌ).

————–
* كاتبة إماراتية.
ayesha.aljanahi@gmail.com

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: سندوتش المدرسة.. صدقة وزكاة

عدد المشاهدات = 6314 لا ينكر إلا جاحد ان الشعب المصرى شعب أصيل، شعب جدع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.