السبت , 20 أبريل 2024

كعكة ليبيا مطمع إقليمي ودولي..وروسيا تتدخل لدعم القذافي!

= 1624

بقلم: سارة السهيل

التنافس علي حكم البلاد والأطماع الخارجية جعل ليبيا نهبا لصراعات متواصلة وانقسامات سياسية لا نهائية، حيث تتنافس حكومتان على الشرعية والسيطرة على البلاد، وهما حكومة الوفاق الوطني بطرابلس في الغرب والمدعومة من الأمم المتحدة، والحكومة الليبية المؤقتة في مدينتي البيضاء وبنغازي الشرقيتين.

وتسببت الاشتباكات بين الميليشيات والقوات الموالية لهاتين الحكومتين في انهاك الاقتصاد، والخدمات من صحة وتعليم وقضاء أدت ا لنزوح داخلي لأكثر من مائتي ألف شخص.

بينما يقف الجنوب الليبي منهكا من الفراغ الأمني الذي تستفيد منه العصابات الاجرامية في تنفيذ عمليات القتل والنهب والخطف، خاصة وان هذه المنطقة تموج بالثروات الطبيعية من الذهب واليورانيوم والماس والنفط، كما انها مطمع لبعض دول الإقليم الساعية لبسط نفوذها في المنطقة لإيجاد نفوذ لهما في دول الساحل والصحراء الإفريقية.

أما تجار الازمات السياسية من أبناء البلد الليبي فقد سعوا لرفع راية الانفصال ، لتقسيم ليبيا الى ثلاث دويلات ضف على ذلك وجود خطة أمريكية من إدارة الرئيس ترامب لتقسيم ليبيا الى ثلاث دول صغيرة هي برقة بالشرق و طرابلس بالغرب و فزان بالجنوب بحجة القضاء على التطرف و الاٍرهاب حسب ما كشفه تقرير بريطاني.

هذه الخطة أثارت قلق أوربا لأنها ستفجر الصراعات مجددا وستساعد على اتساع رقعة الإرهاب بليبيا، وستزعزع استقرار دول الجوار مثل: مصر، والجزائر، وتونس، وانتشار الإرهاب بمنطقة شمال أفريقيا.

أما دول الاتحاد الأوربي فقد تسببت في أزمات ليبيا الحالية لأنها منذ البداية عملت على التخلص من العقيد معمر القذافي وسقوط الدولة وتركت الشعب يواجه التشظي والانقسام والاطماع والفوضى والانفلات الأمني.

واليوم فإن اوروبا تدفع ثمن انانيتها، بعد ان تحولت شواطئ ليبيا الممتدة بطول 2000 كيلومتر الى بوابة للهجرة غير الشرعية من افريقيا والشرق الأوسط بجانب العناصر الإرهابية مما وضع اوروبا في بؤرة إرهاب داعش والميلشيات المسلحة في الجنوب ودفعها للبحث عن مخرج مع الروس لموجهة التهديدات الأمنية التي تلاحقها في ليبيا.

وارتبط استمرار الازمة الليبية بتنافس فرنسا وإيطاليا على ثروات البلاد، فإيطاليا المستورد الأكبر للنفط والغاز الليبي، بينما ليبيا اهم مستورد للسلع الإيطالية. أما فرنسا فتتصارع على حصة من الغاز الليبي حيث تعمل شركة توتال على الفوز بحصة من المخزون الموجود في حقل نالوت الذي تطمح إيطاليا في الحصول عليه كاملا.

قمة باليرمو

المشهد الليبي المعقد كان محورا للعديد من المؤتمرات الدولية كان اخرها مؤتمر في إيطاليا بحضور الفرقاء الليبيين وممثلين من دول الجوار وأوروبا والمبعوث الأممي، ومما يزعج بالأمر في بدايته هو اختيار مكان انعقاده في باليرمو وهو أول شاطئ أختاره الفاشست عام 1911 للتخلص من الليبيين بنفيهم إليه وتركهم ليوجهوا مصير الموت!

المراقبون السياسيون لم يروا في هذا المؤتمر الرسمي ما يدعو للتفاؤل لحل الازمة الليبية الا اذا توافرت عناصر التوافق بين الفرقاء الليبيين لإنقاذ البلاد عبر إجراء انتخابات رئاسية، وتوحيد الجيش الوطني وحل المليشيات والالتزام بخطة المبعوث الأممي لضبط أداء البنك المركزي الليبي وضبط عوائد النفط.

روسيا علي الخط

وقد دخلت روسيا على خط اللعب في إدارة الازمة الليبية عبر اجتماع غير رسميّ في باليرمو مستغلة في ذلك ضياع مصداقية الأوروبيين والأمريكيين، ومستفيدة من علاقتها القديمة بليبيا في مجال التعاون العسكري.

الاجتماع غير الرسمي في باليرمو شارك فيه الجنرال خليفة حفتر والرئيس التونسي، ورئيس وزراء الجزائر ونظيره الروسي، ووزير الخارجية الفرنسي، ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج، والمبعوث الأممي، وترأسه كل من رئيس وزراء إيطاليا ورئيس المجلس الأوروبي.

أما الليبيون فقد تعبوا من تقاعس الغرب في حماية وطنهم، لذلك يرون في روسيا منقذا وحيدا لهم، ولذلك أعلن المتحدث باسم الجيش الليبي الوطني أحمد المسماري، أن الأزمة الليبية بحاجة الى تدخل روسي ومن الرئيس بوتين شخصيا، وإبعاد لاعبين أجانب عن الساحة الليبية، كتركيا وقطر وتحديدا ايطاليا، وأنه على الدبلوماسية الروسية أن تلعب دورا مهما في هذا الشأن.

وعمليا تقف أمريكا وأوربا وراء منع تسليح الجيش الليبي، بينما دخول روسيا الى الساحة الليبية سيمدها بأسلحة متطورة لدحر الإرهاب في البلاد، فضلا عن ان التسليح الليبي اعتمد في زمن القذافي على السلاح الروسي.

هذا الاجتماع يؤكد ان أوروبا تؤيد مشاركة روسيا في إدارة الازمة الليبية، بل ودعم التواجد الروسي الذي يسعى لدعم سيف الإسلام القذافي شريطة ان يكون لخليفة حفتر دور صيغة للحكم استفادة من قدرته على التصدي للجماعات المتشددة شرق ليبيا.

هذا يعني ان هناك توافق محلي ليبي وعربي ودولي على اجتماع باليرمو غير الرسمي في ان تلعب روسيا دورا محوريا في إدارة الازمة الليبية، وهو ما قامت به روسيا بالفعل وأعلنه رئيس مجموعة الاتصال الروسية لتسوية الأزمة الليبية، ليف دينغوف، بوجود اتصالات بين روسيا وسيف الإسلام القذافي باعتباره شخصية لها وزن سياسي في بلاده، و سيكون ضمن الأطراف المشاركة في العملية السياسية الليبية.

ويتوافق التصور الروسي بتصعيد سيف القذافي الى صدارة المشهد الليبي مع التصور الفرنسي الذي يريى في “سيف القذافي” بحسب تعبير المفاوض الفرنسي المستقل، جان إيف أوليفييه، هو الوحيد القادر على توحيد ليبيا، وسيتولى على الأرجح منصب الرئاسة في الانتخابات المقبلة (باذن الله)

ورغم العقوبات المفروضة على سيف الإسلام من قبل المحكمة الجنائية الدولية ، الا ان الدعم الروسي له ينطلق من حصول “القذافي” على دعم العشائر الليبية الأكثر تأثيرا في البلاد، وهو قائد للمجلس الأعلى للعشائر، مما يجعله ممثلا شرعيا وحيدا لها.

فهل ينجح الروس في تثبيت ودعم سيف الإسلام القذافي واستثمار وضعه كقائد للعشائر في توحيد كلمة الليبيين؟ وهل سينجح سيف القذافي فى ان يكون رمانة الميزان في تحقيق المصالحة الليبية واستعادة الامن والاستقرار في البلاد بعد الانتخابات الرئاسية؟

وهل دخول روسيا لمعترك الازمة الليبية بتوافق عربي ودولي كفيل في التوصل لصيغة سياسية تخرج البلاد من دوامة الفوضي والانقسام السياسي والانفلات الأمني.

هذا ما ستجيب عنه الأيام المقبلة.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: صلاة الرجال مع النساء.. باطلة!

عدد المشاهدات = 4417 نشر فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب على صفحته الرسمية على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.