الثلاثاء , 23 أبريل 2024

ماذا حدث للمصريين؟ (2)

= 2559

تطور المجتمع المصري فى نصف قرن 1945 – 1995

عندما طرح الدكتور جلال أمين هذا السؤال لم يغفل التغيرات التى حدثت ومازالت تحدث ليس فى الريف فقط ولكن عند طبقات المجتمع المختلفة ، فتحدث عن الحراك الاجتماعى ٍSocial Mobility ، وبدأ فى طرح أسبابه ، والتى أرجعها إلى إنتشار التعليم ، بعد الإعلان عن مجانيته وتوفيره لكل أبناء الشعب المصرى ، والذى سمح لأبناء الفقراء الالتحاق بالمدارس مثلهم مثل باقى طبقات المجتمع ، والذى فتح لهم أبواب العمل المختلفة فى كل المجالات خاصة الوظائف الحكومية ، والتى كانت تقتصر على أبناء الطبقات الأعلى ، لأن التعليم يعد من أهم وسائط ترقية الفرد وبالتالى هو الطريق الأمثل للحراك الاجتماعى.

ولكن نظراً لزيادة أعداد الخريجين فى هذه الفترة ، ظهرت مشكلة أخرى هى البطالة المقنعة ، ذلك لوجود وزارة القوى العاملة ، التى كانت ملتزمة حتى فترة الثمانينات بتعيين كل الخريجين جامعيين أو حاصلين على تعليم متوسط ، إلى أن زاد عدد العاملين بالدولة ، ونتيجة فرض الضرائب وارتفاع الأسعار “زيادة التضخم ” ، أصبح دخل الموظف غير كاف لتلبية احتياجات أسرته ، فأصبح يبحث عن عمل آخر إلى جانب عمله بالحكومة حتى يزيد دخله ويستطيع توفير متطلبات أسرته.

وكان المصرى فى البداية هو جزء من بلده لا يستطيع أن ينفصل عنها أو يهجرها ويهجر أسرته ، لكن فرص العمل ضاقت ، وزادت احتياجات أسرته ، ما بين الأساسيات المأكل والكساء والتعليم ، واقتناء الأجهزة الكهربائية المختلفة بدءا بالتليفزيون ونهاية بالفيديو ، وهناك الكثير الموظفين الذين استقالوا من الوظائف الحكومية وإتجهوا نحو تأسيس مشروعات خاصة بهم أو العمل بمجال الأعمال الحرة ، ، وظهرت طبقة رجال الأعمال.

كما إتجه البعض الآخر إلى البلدان المختلفة ، خاصة العربية منها ، حيث أنه لن يحتاج إلى تعلم لغة آخرى كى يستطيع أن يعمل بها ، وكأنه فى بلده ، وهذا التوجه إنعكس على المجتمع ، فقد إتسعت الطبقة المتوسطة ، وصاحبه توجهات فى مختلف الطبقات التى تبحث دائما عن التميز ، لتلحق أبناءها بمدارس اللغات ، وأصبح الحديث باللغات غير العربية فى التعامل مؤشرا على رقى هذه الأسر ، لنصنع داخل المجتمع طبقات آخرى بمرجعية تعليمية مختلفة ، فهذه مدارس حكومية ، وهذه مدارس تجريبية ، وهذه مدارس لغات ، وهذه مدارس دولية.

إلى أن جاءت فترة الانفتاح الاقتصادى ، التى بدأت فى السبعينيات ، وما لها من تأثيرات ، المهم أننا مع كل هذه الأسباب ونتاج لها زاد استيراد السلع بداية بالسيارات مروراً بالملابس والماركات العالمية والأجهزة الكهربائية.

وصاحب كل هذه التغيرات فى المجتمع تغير فى القيم ، بداية من داخل الأسرة ، كيفية تعامل الآباء والأمهات مع أبنائهم ، وداخل المدرسة كيفية تعامل المدرس مع تلاميذه ، والأستاذ الجامعى وطلابه.

كما تغير إتجاه الأبناء فهم لم يعد هدفهم السفر إلى دول عربية ، بل السفر إلى دول غربية ، نقلوا عنها أنماطاً مختلفة من الأزياء والسلوكيات ،وأحياناً لا يعودون ، فتكون هجرتهم هجرة دائمة يحملون فيها جنسيات بلاد الغرب ، وربما يستقدموا أسرهم وآباءهم وأمهاتهم ، فقد أصبحوا طيوراً مهاجرة .
تغير كبير فى كل شىء مما أثر على شكل المجتمع المصرى ، وطبقاته المختلفة ، والذى مازال يتغير حتى يومنا هذا ، وربما بنفس الأسباب ، بالإضافة إلي المؤثرات الإعلامية المختلفة ، والإعلانات عن السلع بها ، مروراً بالإنترنت.

نحن جميعا مع التطور لكن دون أن نطمس هويتنا ، دون أن نتخلى عن قيمنا أو عاداتنا وتقاليدنا ، وعن تماسكنا الأسرى ، وعن هويتنا وعن تعاليم ديننا ، ولنخطط للمستقبل بالشكل الذى يرتقى بنا وبمجتمعنا وبلدنا.

رحم الله مفكرنا الكبير الذى فارقنا يوم 27 سبتمبر 2018 ، الذى وظف دراسته فى الاقتصاد والقانون فى وصف المجتمع المصرى ، ورصد التحولات التى طرأت عليه وفسرها وأرجعها لعوامل كثيرة اقتصادية واجتماعية وسياسية فى هذه الحقبة الزمنية.

شاهد أيضاً

مسدس - جريمة

بعد حكم إعدام المتهمين…قرار جديد من محكمة النقض في قضية مقتل الإعلامية شيماء جمال

عدد المشاهدات = 580 قررت محكمة النقض، اليوم الإثنين، حجز طعن المتهمين أيمن حجاج، وحسين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.