حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية
—
سؤال مهم طرحه المفكر الكبير الدكتور جلال أمين ، فى كتابه الذى يحمل هذا العنوان، وتناول فيه التغيرات التى طرأت على الشعب المصرى نتيجة سفر البعض منه إلى بعض الدول العربية فى المشرق والمغرب ، فى الفترة ما بين 1945 وحتى 1995.
فبدأ برحلة عودتهم إلى مصر حاملين معهم بعض الأجهزة الكهربائية “جهاز التسجيل والمروحة وجهاز الفيديو وغيرها من الأجهزة “، وبدأ الريفيون منهم فى هدم مبانيهم الطينية، وبناء غيرها تضاهى بل وتزيد فى فخامتها عن المبانى فى القاهرة، وقد تغير شكل الريف المصرى بعد هذه الهجرة المؤقتة، كما أنهم عادوا بثقافة استهلاكية.
فلم يعد الفلاح المصرى منتجا كما كان، فقد أصبح يشترى الخبز الذى كان يصنعه فى بيته، والطيور التى كان يربيها أصبح يشتريها، وبدأ بإقامة المشروعات المختلفة بقريته “محلات لبيع الدجاج الأبيض والأحمر، مخابز للعيش بأنواعه المختلفة، ومحلات للوجبات الجاهزة”.
وهدم الفلاح الفرن الذى كان يتميز به البيت الريفى وحل محله البوتجاز، وأصبح التلفاز هو الذى يجمع أفراد الأسرة، وربما يأتى بعض الصغار من الجيران لمشاهدته عندهم، وعلت الأطباق المستقبلة للأقمار الصناعية أسطح المنازل الريفية، وفقدوا الاحتفال بأعياد الحصاد المختلفة.
تغير كبير فى شكل الحياة الريفية التى اقتربت فى الشكل والمضمون من حياة المدينة، فأصبح معظم الريفيين يقضون مساءهم أمام التلفاز، وينامون فى النهار.
وأصبح الفلاح يقوم بحرق مخلفات الزراعة، بعد أن كان يعتمد عليها كمصدر للطاقة فى فرن منزله، ولأول مرة ترى بالقرية أكوام القمامة فى أراض تم إهمالها ، وبعدها يتم إشعال النار بها حتى يتخلصوا منها، فالريف الذى كان يتميز بأنه هو المنتج، والذى يتميز بنقاء هوائه والسماء الصافية، أصبح يعانى من التلوث.
تغير كبير طرأ على هذا المجتمع المترابط، حتى فى تغير الأزياء التى ترتديها النساء والشباب، فى معظمها تراها تحاكي ما فى المدينة.
