الخميس , 25 أبريل 2024

العنف الأسري اللامعقول (1)

= 1389

بقلم: د. أمل عبدالعزيز *

أب يضرب ابنه بخرطوم الغسّالة حتى الموت , زوج يقتل زوجته ويضع السم لأبنائه الأربعة فتموت اثنتان وينجو اثنان بأعجوبة , أب يعلق طفليه في السقف ويضربهما فيموت أحدهما تحت التعذيب وينجو الآخر في اللحظات الأخيرة ليحكي ما حدث , أب يقتل بناته الخمس وتنجو منه واحدة بسبب خلافات مع زوجته , مهندس يقتل زوجته وابنه وابنته ببلطة وسكين مشرشرة خشية الفقر والإحتياج , امرأة تقتل طفلها لأنه رآها في أحضان عشيقها .

حوادث بشعة تجاوز فيها العنف السقف المتوقع في السلوك الإنساني خاصة داخل الأسرة , فالأب والأم يتوقع منهما الحب لأبنائهما ورعايتهما وحمايتهما من أي خطر وسوء , فهاهما يصبحان أكبر خطر يهدد أبنائهما , وقديما كنا نستبعد أن يكون الأب القاتل لأبنائه أو الأم القاتلة لأبنائها في حالة سواء نفسي وكنا نطالب بعرضهم على التقييم النفسي المتخصص , إذ لا يتصور من العلاقة الوالدية في حدودها الطبيعية أن تصل إلى قتل الإبن أو البنت حيث ثمة عتبة من القسوة يجب الوصول إليها لتتجاوز كل عتبات الحب والرعاية الوالدية .

وبعبارة أخرى فقد دخلت مصر في نطاق القتل اللامعقول للأطفال والكبار داخل الأسرة الواحدة , وإذا كنا في الماضي نتحدث عن عقوق الأبناء للآباء والأمهات , فنحن اليوم نتحدث عن جحود وقسوة ووحشية الآباء والأمهات.

وتتلاحق جرائم قتل الأطفال في خلال 24 ساعه رابع أيام عيد الأضحى 2018 م لتسجل على الأقل 3 جرائم قتل وتعذيب ودوافعها كالتالي : أب عمره 40 سنة مقيم بقرية في الغربية يضرب ابنته البالغة من العمر 13 سنة بمساعدة زوجته الثانية حتى لفظت أنفاسها الأخيرة ووضعوها في جوال بمنور المنزل وتركوها حتى تعفنت , وعللا ذلك بكثرة هروبها من المنزل . أب 38 عاما مقيم في طنطا تركته زوجته بسبب خلافات زوجية لعدم قدرة الزوج على الإنفاق على الأسرة وذهبت لتعيش مع أسرتها في دمياط , وقد ذهب الزوج لاستعادتها وحين فشل في ذلك ذبح طفله بدم بارد وادّعى بأنه كان يعتقد بأن الذي كان يجلس بجواره في وسائل المواصلات زوجته وليس ابنه .

وفي الدقهلية وصل طفل عمره 5 سنوات إلى المستشفى في حالة إعياء شديد وفي جسده آثار تعذيب وكي بالناروإطفاء سجائر في جسمه , وقد تم هذا التعذيب على يد والدته 40 عاما واخته 18 عاما وخطيب اخته , وذلك لأن الطفل شاهد أخته وخطيبها في أوضاع مخلة بالآداب فخشوا أن يفشي هذا الأمر لوالده (اليوم السابع 25 أغسطس) .

وشهدت محافظة قنا يوم وقفة عيد الأضحى 2018 مذبحة بشرية بعد أن أقدم رب أسرة على قتل 7من أفراد أسرته (زوجته وشقيقته وخمسة من أبنائه) بإطلاق النار عليهم بكثافة ليتحول المنزل إلى نهر من الدماء , وبعده بساعات قتل شاب والدته الستينية زاعما أن قتلها بداعي الشرف بعد مواظبة والدته على إجراء مكالمات هاتفية مع بعض الشباب .

تكرار هذه الأحداث بكثرة في السنوات الأخيرة , وفي الشهور الأخيرة , وانفجارها في الأيام الأخيرة يوحي بأن ثمة زلزال يهدد الكيان الأسري في مصر , وأن الأسرة المصرية مأزومة بدرجة تدعو إلى القلق , وأن حالة التأزم هذه تضع الوالدين (وخاصة الأب) على حافة العنف , وليس فقط العنف بل العنف المفرط في القسوة , فما هي إذن معالم وأسباب هذه الأزمة الأسرية .

(وللحديث بقية غدا..بمشيئة الله)

—————–
* مدرس علم نفس الطفل – جامعة عين شمس.

شاهد أيضاً

د. عائشة الجناحي تكتب: لو كان خيراً

عدد المشاهدات = 3177 ألطاف رب العالمين تجري ونحن لا ندري، فكل شر يقع بنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.