الثلاثاء , 23 أبريل 2024

عادل عبدالستار يكتب: لا تفسدوا كل أخلاقنا

= 5361

توقفت كثيرا أمام جملة قالها ابو سفيان بن حرب وقت حصار قريش للرسول الكريم فى شعب بنى هاشم … حين حاول أحد الافراد من قريش أن يُهرب طعام لنفر من أهله داخل الحصار على الرغم من انه لم يكن بمسلم حينها ….. وقد أمسكوا به الحرس مرة واثنين وفى الثالثه أنهالوا عليه ضربا …. وحين وصل ابو سفيان سأله لماذا صنع هذا؟

فقال: إنما أراد أن يصل رحمه وأهله ( الذين اسلموا وحُصروا مع المسلمين) حينها قال ابو سفيان تلك الجملة الرائعة ( تضربون أمرء لانه يصل أهله ….. يا قوم … لا تفسدوا كل أخلاقنا )…قالها رغم انه هو من أمر بالحصار وهذا الشخص اخترق ما أمر به ….ولكنه أدرك انه لا يجب أبدأ وأنا افعل شئ أن أُضيع معه اشياء واشياء خصوصا كتلك التى ترتبط بالاخلاق فهو يعلم جيداً أنالامم تبنى بالاخلاق وتنهار ايضا بإنهيار الاخلاق..

ولذلك وقفت كثيرا وتأملت اكثر فى تلك الجملة لاستشعارى بمدى إحتياجنا لذلك المفهوم اليوم ….. و ربما بحكم ما تعلمته فى الطب النفسى أعلم جيداً .. أن المفهوم هو من يصنع وينتج السلوك ….. أيها السادة أذا ما نظرنا حولنا سنجد الكثير من المفاهيم التى اصبحت من ملامح القبح فينا ، ونوضح ذلك على النحو الآتى:

1/ اذا كانت الزوجة غاضبة من زوجها فلا داعى ابداً أن تشوه صورته امام ابنائها او تكرههم فيه .. وكان الافضل لها ولابنائها ان تنتقد الفعل وليس الاب ….سيدتى…. لا تفسدى اخلاق ابنائك بأن تعلميهم الكره والعقوق.

2/ اذا رأيت خللا مُعينا فى جانب مُعين فى شخص ..فلا يصح أن تنسى كل جوانبه الاخرى ….. مثال … كان أحد ينتقد العالم الشاب عصام حجى ورأيته يهينه … يا سيدى اذا أخطأ الرجل فى جانب ألستُ معى انك بإهانته بهذا الشكل تفسد فينا خُلق إحترام العلماء وتقدير العلم ذاته ….يا سيدى لا تفسد كل أخلاقنا.

3/ إن الاعلامى الغاضب وهو يتفوه بأسوأ الالفاظ التى نسمعها كل يوم بحجة انه غاضب …. سيدى احترم غضبك ولكن إعلم أنك تفسد فينا وفى أبنائنا خُلق الحياء والوقار والادب …..سيدى.. لا تفسد كل أخلاقنا.

4/ كنت قد قرأت خبرا منذ فترة … أن موسيقى تتر مسلسل “رأفت الهجان” إنما تم عملها فى اسرائيل…وأن ما يقال عن بطولة الرجل إنما كذب وكذا وكذا!!! …. لم يعلم من نشر هذا الخبر وغيره كثير إنه حتى وإن كان غاضبا من مؤسسة معينة فلا يحق له أن يفسد فينا وفى ابنائنا خُلق الولاء للوطن وحبه والانتماء اليه .والتشكيك فيما قام به ابنائه فإذا كنت تريد أن تنتقد فهذا حقك ولكن لا تهدم فينا قيمة فى غاية الاهمية هو اول من سيتأثر سلبا لهدمها ….يا سادة لا تفسدوا كل اخلاقنا.

5/ سمعت أحدهم يشتم فى إمام المسجد أمام ابنه لانه يرى أن الامام لا يطور من خطبته ….ربما كان الامام مُخطأ حقاً ….ولكن على هذا الاب أن يعلم أنه أخطأ الف مرة حين أفسد داخل ابنه ودون أن يدرى تقدير عالم الدين والشيخ …كان يمكن أن ينتقده ولكن كان عليه ايضا ان ينهى كلامه امام ابنه فأنه يظل هو من يعلمنا علوم ديننا وشريعتنا حتى وإن إجتهد فى بعض الامور فأخطأ….. اقول له ….سيدى لا تفسد كل اخلاقنا.

6/ كانت قد نشرت معظم مواقع الجرائد الالكترونية خبر عن تلك الشتائم البذيئة المتبادلة بين مُلحن ومطربة يعملون سوياً ….. فإذا كان المُلحن والمطربة لديهما من القبح وسوء الخلق ما سمح لهم أن يقولوا ما قالوه … فما الداعى ان تُنقل لنا تلك البذاءات عبر مواقع الصحف…. كان من السهل أن يكون الخبر عن خلاف بينهم ولا داعى لذكر نفس الالفاظ … انهم بهذا يفسدوا فينا وفى ابنائنا حُسن الخُلق …..يا ساده لا تفسدوا كل اخلاقنا.

7/ وهنا أذكر مثالا يوضح ما أريد أن اقوله:

لو يتذكر القارئ الكريم مشكلة القاضى السحيمى…مع وزير العدل . علق الإعلامي أحمد المسلمانى على ذلك الخطاب الاكثر من رائع الذى كتبه القاضى للوزير ….لم ينس وهو يعلق على الامر أن يُشير ويثنى على روعة المفردات وحُسن البيان ….اراد أن يُعلى فينا خُلق أدب مُخاطبة الكبير وخُلق أدب الاختلاف ….. حتى لا يفسد تلك الاخلاق داخلنا.

وأذكر هنا موقفا آخر للمسلمانى يوضح أكثر الفكرة التى اريد أن اصل اليها … إنتقد المسلمانى شيخنا الجليل .. الشعراوى.. وهو من هو .. إنتقد موقفه من هزيمة67 وصلاته صلاة شكر حينها.. لانه رأى فى هذا الامر غير ما رآه الشعراوى ..ولكن فى الوقت ذاته كتب وقال فى نفس السطور .. إنه لا جدال فى رفعة مكانة الشيخ ، فلقد كان الرجل مُفسراً ومُحدثاً وفقيهاً.. كان يملك من طلاوة السرد وجاذبية الحكى وسحر الحديث ما جعله إمام عصره وفقيه زمانه..

إنظروا الى الرقى فى الحديث والرقى فى النقد ..إنتقد المسلمانى الشيخ ..نعم..ولكن أعطاه حقه وأنتقده بأدب جم .. علمنا ثقافة النقد مع الحفاظ على حُسن الخُلق

أخيراً … كم هو مؤلم أن تشهد الاخلاق تنهار ..ولكن حين يحدث هذا بأيدى نفر منا ونحن نقف موقف المشاهد فقط فتلك جريمة نرتكبها فى حق أنفسنا وابنائنا ووطننا .

إن دعوتى هنا ايها السادة هى الحفاظ قدر الامكان على ما تبقى من أخلاقنا …. فهى الحصن الباقى لنا … علينا نحن الافراد أن لا نسمح لاحد أن يفسد أخلاقنا سواء الاعلام او فى الشارع او فى العمل … علينا أن نستمتع برقى من حولنا اذا كانوا كذلك ..وعلينا أن نستمتع نحن بُرقينا لو أن من حولنا غير ذلك …واقصد هنا أن نرتقى نحن باخلاقنا ونرتقى بسلوكنا ومعاملتنا مع الاخر …

ايها السادة اخيرا اقول لكم ما كانت أمى رحمها الله دائما تقوله لى … أن إنهيار الاحلام الصغيرة لا يعنى شئ ما دام حلم كبير لا يزال فى الإمكان … فنجعل الحفاظ على اخلاقنا هو حلمنا الكبير الذى مازال فى الإمكان تحقيقه.

حفظ الله مصر … ارضا وشعبا وجيشا.

شاهد أيضاً

د. عائشة الجناحي تكتب: لو كان خيراً

عدد المشاهدات = 1248 ألطاف رب العالمين تجري ونحن لا ندري، فكل شر يقع بنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.