الخميس , 25 أبريل 2024

عادل عبدالستار يكتب: الطــلاق النـــاجـــح..!

= 4301

إن ما دفعنى لكتابة هذا المقال هو إتصال من صديق لى كان متأثراً جداً بحادثة طلاق حدثت لصديق له وكان لدية إبنة فى الثانوية ، وكان ما يُحزن صديقى هو ماذا عن تلك الفتاة بعد طلاق الوالدين؟

ومن هنا جاءت فكرة المقال ، ولكنى أرتأيت أن اكتب بشكل مُختلف ، فلن اتحدث عن نتائج الطلاق السلبية وأحياناً المأساوية والاسباب التى يمكن أن تجعله يحدث وكيفية تفاديها وما الى ذلك ، فلقد تحدث الكثيرون فى هذا الامر ، ولذلك أخترت أن اتحدث عن هذا الامر ولكن من جانب جديد وهو الطلاق الناجح … بمعنى كيف يكون الطلاق ناجحاً وما رأى الابحاث العلمية والطب النفسى فى ذلك.

نعم إنه أبغض الحلال…ولكن ماذا عن الابناء إن وقع هذا الذى هو ابغض الحلال؟ وهنا يأتى جوهر المقال كيف يكون الطلاق ناجحاً من أجل الابناء ..؟

فإنّ فشل الاب كزوج وفشلت الام كزوجة فعليهما أن ينجحا كأب وأم فيما بعد الطلاق ولذلك علينا أن نعى ان نجاح الطلاق اهم بكثير من نجاح الزواج ( إذا لم يُقدر للزواج النجاح ) لان فى الطلاق يوجد أبناء ، لذلك يجب إن حدث الطلاق واصبح هو الخيار الاخير ان يكون ناجحاً وذلك من اجل الابناء ، وفى هذا الامر أقول:

أولا: قواعد هامة

1/ يجب أن نعلم جيداً إنه ليس بالضرورة كل زواج فاشل يؤدى الى طلاق فاشل
2/ يحكم نجاح الطلاق من عدمه حجم الصراع قبل الطلاق وبعده
3/ يجب التخطيط والترتيب للطلاق كما كان الحال فى الزواج ، بل أن الترتيب فى الطلاق أهم ، وذلك لنفس السبب وهو الابناء ، فعليهما أن يُرتبا أين سيكون الابناء؟ وماذا عن مصاريفهم ؟ وماذا عن دراستهم ؟ وما الى ذلك من أمور.
4/ بعد الطلاق يجب على الزوج أن ينتقل من مفهوم أنا زوج الى مفهوم أنا أب وهكذا الزوجة أيضاً ، وعليهم أن يعلموا جيداً إن كانت العلاقه انتهت بينهما كزوجين فهى لم تنته كشريكين للابناء ، بمعنى أخر تلك العلاقه لابد وان تنتقل من علاقه زوجية الى علاقه استثمارية من أجل أن يصبح الابناء صالحين لوالديهم ولدينهم وأوطانهم.
5/ عليهما أن يؤمنا بأنه وإن فشل الزوج كزوج ليس بالضروة أن يفشل كأب وكذلك الزوجة.
6/ على الزوج والزوجة إن كان أحدهما أكثر نضجاً أن يساعد الآخر من أجل إنجاح الطلاق وذلك من أجل الابناء أو عليهما أن يسألا اهل التخصص فى ذلك

ثانياً: كيف يستقبل الابناء الطلاق؟

يقول الطب النفسى أن الابناء بطبيعة الحال يرفضون الطلاق ويُعبرون عن هذا الرفض بأشكال مُختلفه منها:

1/ الصمت ..والصمت هنا ليس الرضا وإنما هو نوع وشكل من أشكال التعبير عن الرفض
2/ الهروب من المدرسة أحياناً .. وأيضاً الاخفاق فى الدراسة كشكل من أشكال الرفض
3/ التوجه الى المخدرات أحياناً .. وأيضاً ظهور إضطراب فى شهية الطعام وإضطراب فى النوم وتغير ملحوظ فى المزاج

ثالثاً: كيف يتم التعامل مع الابناء عند إتخاذ قرار الطلاق النهائى؟

يقول علم النفس فى هذا الامر وبناء على دراسات علمية مايلى:

1 / إشعار الابناء بالاحترام …. وهذا يحدث بإبلغهم قرار الطلاق ولكن لا يُبلغوا الا إذا كان القرار نهائى بالفعل .. وإشعارهم بأنهم جزء من هذا القرار ، وليسوا سببا فيه ، من المهم جدا جداً أن يعرف الابناء إنهم ليسوا سبب لهذا الطلاق.
2 / يتم إبلغ الابناء عن طريق الاب والام سوياً.
3 / الاستشارة والمشاركة .. إستشارة الابناء ومُشاركتهم ليس فى أخذ القرار من عدمه ، وإنما فى ترتيب هذا الطلاق .. وماذا عن الامور بعد الطلاق والوضع الافضل لهم وهكذا .. وهنا لابد من مراعاة عمر الابناء وشخصيتهم ولذلك يجب أن يكون الابلاغ فى مُنتهى الحكمة ويتم إختيار الاسلوب والمفرادات التى تُستخدم بمنتهى الاهتمام والحذر.
4/ الابناء من سن 5-12 سنة هى أخطر الفترات تأثراً بقرار الطلاق ..لذلك على الزوج والزوجة أن يكون كلامهم عند التبليغ يحمل الكثير من الدفئ والطمأنة للأبناء ويستخدمون مفرادات سهلة تستطيع الابناء فهمها وإستيعابها.
5/ الابناء فى سن المراهقة…هى مرحلة إضطراب الهوية ولذلك يجب الاخذ فى الاعتبار إنه ربما تكون هناك ردود فعل غير مُتوقعة وغير ناضجة فعلى الزوج والزوجة أن يحتوا الابناء قدر المُستطاع ويتفهموا ردود الافعال تلك.

6/ الابناء فى سن الجامعة … يكون همهم الاكبر هو الدعم المادى .. ولذلك على الزوج والزوجة أن يُطمئنوا الابناء لهذا الامر بمعنى أن مصاريفكم كما هى وستأتى لكم عن طريق كذا وفى وقت كذا ، سواء كانت مصاريف الجامعة او المصاريف الشخصية.

رابعاً : ماذا عن الابناء بعد الطلاق؟

يقول علم النفس :
أ/ يجب أن تكون قد وضعت خطة ووضحت الرؤية بخصوص مع من سيكون الابناء… ويكون هذا بالتفاهم التام وليس عن طريق القضاء مثلاً
ب/ على الطرف الذى سيكون الابناء عنده أن يجعلهم يتواصلون مع الطرف الاخر بمنتهى الحرية ويشجعهم على هذا أيضاً من أجل الاشباع النفسى والوجدانى
ج/ الابناء لا يقبلون أن يصبحوا ناقلى رسائل (رسائل سلبية) او كلمات للهمز واللمز بين الاب والام..ولذلك على الوالدين أن يحذروا من هذا الامر
د/ أذا كان الطرف الذى ليس عنده الابناء يُثق فى طريقة تربية الطرف الاخر فعليه ألا يتدخل فى طريقة التربية
و/ إذا كان لأحد الطرفين تعليق او نقد على سلوك او تصرف يقوم به الطرف الاخر فعليه أمام الابناء أن يصف السلوك او التصرف بالخطأ ولا يصف الطرف الاخر بالخطأ .. مثال .. إذا الاب تصرف تصرف سيئ فالام تقول هذا سلوك خطأ ولا تقول الاب خطأ
ه/ على الطرف الذى سيكون عنده الابناء أن يضع ومن اول لحظة نظام صارم للابناء ..مثل موعد للنوم والاستيقاظ والمذاكرة وما الى ذلك ..لان هناك من الوالدين من يذهب الى التدليل والدلع إعتقاداً منه أن هذا سيكون نوع من التعويض للأبناء عن قرار الطلاق.

أخيراً : أعتذر عن الاطالة ..لكن الامر كان يستحق وكان به من التفاصيل الكثيره التى كانت لابد وأن تُقال حتى يصبح الطلاق ( إن حدث ) طلاقاً ناجحاً

أدعو الله أن يُنعم علينا جميعا بنعمة الاستقرار والدفء الاسرى..أمين

حفظ الله مصر ….ارضا وشعبا وجيشا

شاهد أيضاً

د. عائشة الجناحي تكتب: لو كان خيراً

عدد المشاهدات = 3027 ألطاف رب العالمين تجري ونحن لا ندري، فكل شر يقع بنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.