الخميس , 28 مارس 2024

د. أمل عبدالعزيز تكتب: جرأة الأبناء على الآباء!

= 2545

—-

ظاهرة جرأة وتمرد الأبناء على أسرهم أخذت اشكالاً ومظاهر مختلفة، عجز معها كثير من الآباء عن مواجهتها وحدهم مما يتطلب تدخلاً سريعاً من مؤسسات المجتمع للوقوف مع هذه الأسر التي تشتكي، وتبحث عن حلول للتعامل مع أبنائها المتمردين والجريئين.

الجيل الحالي أكثر تمرداً وجرأة..

والتمرد يمكن حصره في نطاق عدم تقبل الآخر وعدم تقبل النصح والتوجيهات من الوالدين نظرا للتفاوت بين تفكير الأهل والأبناء..

الأبناء المراهقين في السابق كانوا مطيعين ويخافون من عصيان الأهل ويسيرون في خطوط موازية لمتطلبات العائلة، فالخارج عن عادات الأهل مرفوض من أهله ومجتمعه، لكن حديثا أصبح الأبناء المراهقون أكثر جرأة على تحدي قوانين الأسرة، وأكثر تمردا على خطوط الأسرة، فهم يحاولون أثبات ذاتهم وأفكارهم غير مبالين بالعواقب والسلبيات وردود أفعال الأهل..

دوافع التمرد:

-اختلاف أساليب التنشئة الاجتماعية واختفاء الجو الحميمي الدافئ بين أفراد الاسرة وتفكك المجتمع.

– التكنولوجيا الحديثة والتقليد الأعمى من المراهقين للفنانين والمشاهير واتخاذ قدوة غير صالحة.

-التغيرات الهرمونية والجسدية التي ينتج عنها الكثير من تقلبات المزاج وتذبذب الآراء والاحاسيس والافتقار للثقة بالنفس.

– رغبة الفرد في إثبات ذاته والخروج على العادات والتقاليد.

– كما أن لتطور الاتصالات والشبكات الالكترونية والقنوات الفضائية دوراً مهماً، فهي عامل ذو حدين يمكن أن ينمي أو يعرقل ظاهرة التمرد.

من المستفيد من التمرد؟!

المستفيدون من التمرد هم المراهقون أنفسهم فبعضهم حقق نجاحا وعمل مشاريع مثمرة ناجحة رغم معارضة الأهل وغضبهم.. ولا يخفى أن بعض المراهقين متبنين للفكر الغربي والفكر الحداثي الجديد.. وتولد لديهم أفكار وطموحات جديدة تحتاج لمن يتبناها ويدعمها.. فليست كل الأفكار التمردية سيئة أو هدامة للمجتمع.. ولكن المراهقين يحتاجون لدعم وتفهم من قبل الاسرة والمجتمع.

كيف نتعامل مع التمرد الأسري؟!

يجب التعامل مع المتمردين أسريا بالحكمة والمعالجة من قبل الأسرة.. ويحتاج الأهل لتفهم أفكار المراهقين وأسباب تمردهم ..والوصول لنقطة التقاء بدل الحروب الطاحنة بين المراهقين وآبائهم ..واجتماعياً نتمنى إيجاد مراكز اجتماعية تعنى بمشاكل المراهقين وتبني أفكارهم الايجابية ونصحهم في حالة الأفكار السلبية الهدامة، وتوجيههم بطرق إصلاحية تربوية تتفق مع تفكير المراهق بالإقناع وليس الإجبار.. كما لايخفى دور المعلمين والمربين في تنمية التفكير الايجابي لدى المراهق ونبذ التمرد.

ورسميا على الجهات المعنية إنشاء مراكز للإصلاح بين المراهقين وأسرهم والتوفيق بينهم وعدم معالجة المراهقين المتمردين بدخول دار الأحداث والسجون بسبب تمردهم.. ولكن لكل داء دواء.. والحل يكمن بتوجيه هؤلاء المراهقين.. واستخدام طاقاتهم بشكل مثمر وطنيا واجتماعيا .

ويجب التعامل مع العصيان والتمرد في المراحل الأولى من أعمارالابناء على انه أمر طبيعي يجب احتواؤهم فيه ومصادقتهم وتحميلهم المسؤولية وعدم إهمال العقاب في حالة التصرف بوقاحة.

السلوك المتمرد يمكن أن يدق إسفيناً في علاقة الوالدين مع ابنهما المراهق، وربما يعتقد الوالدان بأن الصرامة والحزم والعنف من أفضل الوسائل لوقف هذا السلوك، لكنه في الواقع يزيد من تمرد المراهق ويجعل التعامل معه أكثر صعوبة وتعقيداً. والحل يكمن في إقامة علاقة بناءة معه، حتى يشعر الطفل بالأمان الكافي كي يبوح بمشاعره ويكون صريحاً ويحترم رغبات والديه.

تقول مدربة الأبوة والأمومة الأمريكية ماري آند لوري إن هذا النوع من السلوك متوقع من المراهقين في سن 13 و14 عاماً، مشيرة إلى أنهم يشعرون لا إرادياً وبحكم فترة المراهقة التي يعيشونها بأنهم مستقلون ويجب أن يتحكموا في حياتهم دون تدخل من الأهل.

وتضيف أن هناك تأثيرات خارجية لتعزيز هذا السلوك، لاسيما في العصر الرقمي الذي نشهده من هواتف ذكية وألعاب فيديو، فيجد المراهق نفسه منجذباً تجاه أقرانه من نفس عمره، منجرفاً بعيداً عن والديه رغم أنه في سن مبكرة، هذا بالإضافة إلى تأثير العديد من برامج التلفزيون الشبابية التي تستهدف هذه الفئة العمرية، فهي غالباً ما تصور الكبار “حمقى” يتدخلون في حياة أطفالهم بشكل “مبالغ” فيه بل ويتحكمون فيهم.

نصائح التعامل مع المراهق المتمرد:

في ما يلي بعض النصائح التي تقدمها الخبيرة الأمريكية لكيفية التعامل مع المراهق المتمرد:

1- معرفة نوع تمرد المراهق وسببه، فهناك تمرد صبياني، وغالباً ما يحدث في مرحلة الطفولة ويسمى “التمرد الطفولي”، أما تمرد المراهقين فيجب أن يؤخذ على محمل الجدية والتعامل معه بحذر، ومعرفة الأسباب ستسهم كثيراً في حل المشكلة من جذورها.

2- اختيار العقوبة المناسبة المتوائمة مع السلوك السيء والمتناسقة مع عمر المراهق، فالمراهقون الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و14 عاماً، أفضل عقاب لهم هو إبعادهم عن ألعابهم المفضلة مثل إكس بوكس أو هواتفهم المحمولة، وعدم الرجوع في هذا القرار مهما حدث، لأن ذلك سيفقد الوالدين مكانتهما وهيبتهما أمام أولادهما.

3- الهدوء في المعاملة مع الطفل أو المراهق المتمرد، فيجب على الآباء عدم أخذ تصرفات أولادهم على نحو شخصي، والبدء في الصراخ وفقدان الأعصاب، ذلك أن هذا التصرف يعطي الطفل حق الدفاع عن نفسه بطريقة عدوانية، كرد فعل طبيعي على صراخ الأم أو الأب، والذكاء هنا يكمن في الهدوء وأخذ استراحة حتى يهدأ الجميع، وإلا تحول الموقف إلى صراع بين الوالدين والطفل المتمرد.

4- يجب تعريف الأبناء بعواقب عدم احترامهم أو تصرفاتهم غير العقلانية، وفي المقابل تقديم الدعم الإيجابي عند قيامهم ببادرة إيجابية مهما كانت صغيرة، فالتركيز على الأمور الإيجابية وتشجيع الأبناء على القيام بها، تدفعهم تدريجياً إلى التخلي عن التصرفات السلبية.

5- تخصيص بعض الوقت لإجراء حوار مثمر مع الابن المتمرد وجهاً لوجه كدعوته على الغداء أو العشاء وجعله يبدأ الحوار ويديره، وعلى الآباء الإصغاء، حتى لو تركّز الحديث على لعبة أو فيلم ما، فالتجربة تؤكد أن الوالدين سيحصدان نتائج مثمرة من مثل هذا النقاش.

6- ينبغي أيضاً على الوالدين أن يكونا مستعدين وأن يبديا الحماس والاهتمام عندما يرغب المراهق في الحديث معهما، وقتها سيشعر بالرغبة في كل مرة يريد فيها البوح أو التحدث عن أمر ما يشغله أو يهمه أو يقلقه، طالما الوالدان يصغين إليه ولا يتسرعان في إطلاق الأحكام المسبقة…ومتابعة ما يشاهده الطفل على التلفاز والحاسوب من برامج أو مسلسلات كرتونية، ففيها العديد من الأخلاقيات الخاطئة والسلوكيات التي تؤثر على الطفل وتجعله يقلّد ما يشاهده دون إدراك منه غن كان صحيح أو خاطئ.

7-في حال قام الطفل بارتكاب أي خطأ كضرب أخيه أو شتمه أو أي فعل متمرد آخر، فيجب اللجوء إلى عقاب يناسب عمر الطفل وعدم القيام بضربه بتاتاً لأن ذلك قد يفاقم المشكلة، فمثلاً حبس الطفل بغرفته لمدة زمنية صغيرة بعد تحذير الطفل بالتوقف عن الفعل والعدل فإن لم يقم بالاعتذار عن الفعل الذي يقوم به فيحبس في غرفته.

8- تشجيع الطفل واعطائه الهدايا في حال قام بسلوكيات صحيحة ولم يفعل اي سلوك خاطئ ليوم كامل مثلاً .

9- إعطاء الطفل بعض لحظات من الحب والقبلات مع بضع همسات دافئة من النصائح بالنظر إلى عينيه قد تجعله يتغير بصورة كبيرة ويصبح مسالماً يستمع إلى توجيهات والديه بسهولة.

10- اللجوء إلى ممارسة الرياضة وتعويد الأطفال عليها لتفريغ الطاقة السلبية الموجودة وعدم استخدامها بصور أخرى غير صحيحة.

11- السيطرة على غضب الأهل وعصبيتهم فغالباً ما تكون سبباً في تفاقم المشكلة لدى الطفل وتحديهم حتى يصل الأهل إلى مرحلة الانهيار واستخدام العنف مع الطفل أو الاستسلام لتصرفات الطفل دون توبيخه و هو ما يهدف إليه الطفل بكل سرور.

12-أغلب الأطفال المتمردين يكونون في قمة الذكاء، فيجب على الأهل محاولة استثمار ذكاء الطفل وتوجيهه إلى الطريق الصحيح بتحبيبه في العلم أو حفظ القرآن وتحفيزه على ذلك.


* مدرس علم نفس الطفل – جامعة عين شمس.

شاهد أيضاً

د. عائشة الجناحي تكتب: كلمات تأسر القلوب

عدد المشاهدات = 100 ما زلت أتذكر كلمات إحدى السيدات الإيجابية المرصعة بالرقي والتي ستبقى …

تعليق واحد

  1. مواهب الحاج

    ماشاء الله د امل استفدنا كثيرا من مقالاتك الرائعة?

اترك رداً على مواهب الحاج إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.