الخميس , 25 أبريل 2024
المخرج والكاتب العراقي قاسم حول

قضية عبد الرزاق الربيعي ..!

= 1252

———–

بقلم: قاسم حول *

سحبت دعوة حضور مهرجان المربد من الشاعر العراقي عبد الرزاق الربيعي، لأنه تنازل عن جواز سفره العراقي مقابل حصوله على جواز سفر من سلطنة عمان! وأتخذ قرار سحب الدعوة، بإجتماع إتحاد أدباء البصرة وبعلم إتحاد الأدباء العراقيين!

لم يحصل الشاعر عبد الرزاق الربيعي على جواز سفر إسرائيلي ولا حتى على جواز سفر أوربي، بل حصل على جواز سفر عربي، والشعب العربي هو شعب واحد والعالم العربي هو عالم واحد، حتى وإن كان في الحلم!

جواز السفر العراقي هو جواز لا يحظى بإحترام العالم وهو مجرد دفتر لا يشبه دفاتر إبتزاز المخطوفين من قبل الخاطفين، ولا يشبه دفاتر الفساد في البرلمان العراقي والوزارات العراقية إذ لا قيمة له ماديا ولا معنوياً، هو جواز سفر يضحك عليه حرس الحدود، وتضحك منه سفارات البلدان الأجنبية!

حصلت على دعوة للمخرج حيدر محمود لحضور مهرجان مالمو السينمائي في السويد، دعوة رسمية مختومة من لجنة المهرجان وموجهة للسفارة السويدية في بغداد، فخبرته السفارة أن يذهب إلى عمان لتسلم تأشيرة السفر. سافر الفنان حيدر محمود بعد معاناة للحصول على تأشيرة من الأردن. وصل عمان وقدم أوراقه الكاملة وأنتظر ثمانية عشر يوما يدفع مصروفات الإقامة والطعام، وبعد ثمانية عشر يوما جاءه الجواب سلباً، وعاد إلى للعراق، فكتبت رسالة للسفارة السويدية في بغداد أتساءل هل المواطن السويدي الذي يريد السفر إلى العراق ويطلب التأشيرة، تطلب منه السفارة العراقية أن يذهب إلى النرويج للحصول على تلك التاشيرة!؟ هو تعبير عن إحتقار العالم لجواز السفر العراقي وبالضرورة للخارجية العراقية وبالضرورة للعراق!

رئيس الوزراء العراقي يحمل جنسيتين، وأغلب أعضاء البرلمان يحملون جوازي سفر حتى تمكنهم تلك الجوازات من تهريب الدفاتر الخضراء، وقريبا سوف تصدر الوحدة الأوربية قانونا يمنع أمتلاك الجوازين! وكل العراقيين، دونما إستثناء، سوف يتنازلون عن جواز سفرهم العراقي مقابل الإحتفاظ بجواز السفر الأوربي، لكن ذلك لا يسقط عنهم مفهوم المواطنة في الضمير ولا في الوجدان. وسيظل العراقيون والأدباء العراقيون يكتبون الرواية العراقية التي تكشف الواقع العراقي وتناقضاته وطيبة أهله وخبثاء أهله، وسيكتب الشعراء قصائدهم الحرة، ويكتبون عن البعد والبعاد والفرقة والمحبة، ولا تحول تلك الوريقات غير المحترمة دون هاجس الوطن!

مطلوب من الشاعر عبد الرزاق الربيعي أن يصل إلى البصرة، وأن يتمكن من العودة إلى حيث يعمل ويقيم، بعيداً عن كل التفاصيل!

عندما قدمت أوراقي للسلطة الهولندية طالباً اللجوء، قلت لهم أطلب الحماية ولا أطلب مخصصات اللجوء المالية وأريد أن أعمل وأن أنتج الأفلام السينمائية وأكتب رواياتي، وكانت آخر أفلامي “المغني” عن رعونة دكتاتور. وفيلم “بغداد خارج بغداد” عن غربة المثقف العراقي في وطنه. وفيلم “الممثل وأنا” عن العلاقة بين مخرج سينمائي وممثل سينمائي يلتقيان في غابة بمدينة مالمو السويدية ويتذكران العراق!؟

جبران خليل جبران ولد في شمال لبنان، وهاجر طفلا، وحصل على الجنسية الأمريكية، وكان لبنان هاجسه الأزلي. قام بتأسيس الرابطة القلمية مع ميخائيل نعيمة. وبقيا لبنانيين. كازانتزاكي الروائي اليوناني وكوستا غافراس السينمائي اليوناني صاحب فيلم “زد” وثيو أنكيلو بولص السينمائي الكبير. وميكيس ثيوداركيس صاحب موسيقى زوربا، هاجروا إلى فرنسا وحصلوا على جوازات السفر الفرنسية، ليدافعوا عن الديمقراطية وحرية الإنسان اليوناني. والعالم مليء بأمثلة الأحرار الذين يدافعون عن حرية بلدانهم من خارجها، وإخراجها من المستنقعات النتنة، الدكتاتورية والدين السياسي والعنصرية السياسية!

مطلوب من الشاعر عبد الرزاق الربيعي الوصول إلى البصرة والعودة إلى سلطنة عمان سالما منعما وغانما مكرما، وقد قال الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام “خير البلاد ما حملك”! ولو صدر قانون أوربا بعدم جواز إزدواج الجوازين لأخترت الجواز الهولندي .. وهو مجرد دفتر يمنحني حريتي التي خسرتها في وطني العراقي، لكن ذلك لا يعني التنازل عن الوطن. من مؤلفاتي التي أصدرتها قبل أكثر من ثلاثين عاماً كتاب يحمل عنوان “مذكرات جواز سفر” وهي حكاية ما سببته لجواز سفري اليمني من الأذى والمعاناة!

جواز السفر له حكايات وأختام وحدود وعيون شرطة، والمؤسف عيون أشخاص يعملون في مجال الفكر والأدب والحرية!

——————-

* سينمائي وكاتب عراقي مقيم في هولندا.
(حياتي اليوم تنشر المقال نقلا عن موقع العالم)

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 3545 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.