الجمعة , 29 مارس 2024

عبدالرزّاق الربيعي يكتب: خطابٌ إنفتاحي، وثوابت راسخة!

= 1322

——-

الثقافة من اهم عناصر التطور كلّنا نعرف أن الثقافة من أهمّ عناصر التطوّر الحضاري في أيّ مجتمع، وبدون ثقافة لا يوجد تطور، ولذلك تحرص الدول، والمجتمعات على الثقافة باعتبارها المحرّك الحضاريّ، والباعث لكلّ نهضة، ومن هذا المنطلق جاءت الجلسة الحواريّة التي نظّمها مركز السلطان قابوس العالي للثقافة، والعلوم

وتعدّدت الطروحات والرؤى حول خطاب يستمدّ ملامحه من العلاقة الوشيجة بين الثقافة، والسلوك، كطابع مميّز له في الثقافة العمانيّة، حتّى أنّ الشيخ زاهر بن عبدالله العبري عرّف الثقافة حين طلب منه مدير الجلسة الإعلامي سالم الرحبي ذلك، أجاب “جهد إنساني يرتقي بالنفس إلى حياة أفضل، وسمو خلقي رفيع”، هذه الثقافة شكّلت أرضيّة خصبة رسمت ملامح خطاب ينطلق من الثوابت الثقافية، والحفاظ على الإرث، وينسجم مع المبادئ، والسياسات العامّة، التي سارت على ضوئها الدولة، لذا اكتسب ملامح خاصّة، ومن أبرزها أنّه خطاب منفتح يقوم على التواصل مع الحضارات المحيطة دون تعقيدات، وهو تواصل يمتدّ جذوره مع التاريخ، وسببه اشتغال العمانيين بالبحار، وهذا أوجد نوعا من تعدّد الثقافات، والرؤى داخل المجتمع، واتساع الأفق، والانفتاح على الآخر مع الالتزام بالقيم العمانية.

ورغم أن تأثير الخطاب الإعلامي العماني الحكومي، والخاص بوسائله كافّة كان أقلّ تنافسيّا من الآتي من الخارج، فجعل الكثير من الشباب العماني يوجّه أنظاره الى الفضائيات العربيّة، والأجنبيّة، وهذا قد يؤثر على سلوك الناشئة، لذا رأى القائمون على القطاع الثقافي، والإعلامي ضرورة تطويره لمنافسة الدخيل القادم من الخارج، فقاموا بالاشتغال على المحتوى، والأداء، والحال ينطبق على المسرح، والدراما التلفزيونية، والإذاعية التي قدّمت رسالتها الثقافية القائمة على توعية المجتمع، واثارة الأسئلة، وعرض المشكلات، للرقيّ بهذا الخطاب، وأداء رسالتها حسب الأولويات، والامكانيات المتوفرة.

وقد لفتت أنظار المشاركين النقطة التي أشار إليها سعادة حبيب بن محمد الريامي أمين عام مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم، في كلمته التي افتتح بها الجلسة، وتطّرق خلالها إلى “حاجة الشباب إلى خطاب ثقافي واعٍ لا سيّما أن العالم يموج بالمبتكرات، والاختراعات العلمية الحديثة التي قد يكون لها تأثير على هوية الشباب، وأن يكون للعلماء، والمفكرين، والأدباء خطاب يحدّ من انخراط الشباب في الثقافات الغربية المنفتحة بمصراعيها، وغير المنضبطة بضوابط الثقافة العربية”، ففي غمرة طغيان الوسائل التي يسّرتها التقنيات الإلكترونية، والفضائيات التلفزيونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، والهواتف الذكيّة، تيسّر للمواطن العماني التواصل مع أيّ خطاب، ومن أي مصدر، وبأي مضمون، وهنا تكمن الخطورة، فهذا يمكن أن يكون سببا لتوجّه اليافعين من الشباب نحو اهتمامات مغايرة لما عرف به المجتمع العماني من الرصانة، والوسطية، والاعتدال!

ومع تأكيدنا أن قانون الحياة هو التغيير الذي هو جزء من فلسفة الحياة، فتقادم الزمن يفرض على الناس سلوكهم سواء كأفراد، أو كمجموع، وكلّ شيء يتغير، ويتبدّل، وقديما قال هرقليطس الفيلسوف اليوناني الذي عاش قبل عصر سقراط ” إنّك لا تنزل في النهر الواحد الجاري مرّتين، فهناك مياه تسير فيه باستمرار”، ومن الطبيعي أن يحصل هذا التحوّل في مجريات الحياة، ولكن ما أفرزه التقدّم التكنولوجي من مستحدثات سارع في حصول تلك التغييرات.

وبهدف تعزيز العلاقات الإنسانيّة، والاجتماعيـة، والثقافية وفق القـيم، والمعايير الأخلاقيـة العمانية ينبغي أن يركّز الخطاب الثقافي على: تفعيل دور الأسرة في المجتمع بتوجيه الناشئة من أبنائها، وبناتها نحو تكريس المواطنة، والقيم العمانية، ولهذا لن يتحقّق إلّا بإسهام الشخصيات الأكاديمية، والثقافية، والسياسية في تعزيز الوعي الاجتماعي والمواطنة، ومساهمة النتاج الثقافي بأنواعه كافّة في التأثير الإيجابي في اتجاهات الناس، واستجاباتهم السلوكية بالانسجام مع ما يطرحه المنتج الثقافي العماني.

محاور أخرى عديدة، تحدّثت عن الواقع الثقافي، والتحوّلات التي شهدها، في السنوات الأخيرة، بعد النشاط الواضح لمؤسّسات المجتمع المدني، والجمعيّات، وحركة نشر الكتب، والمهرجانات، والمؤتمرات، والفعاليّات المختلفة، وقضايا أخرى لم يسعف الوقت لطرحها في الجلسة التي أثرتها مداخلات الحضور بما جادت أفكارهم من توصيفات لهذا الخطاب ذي الثوابت الراسخة.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: سندوتش المدرسة.. صدقة وزكاة

عدد المشاهدات = 6871 لا ينكر إلا جاحد ان الشعب المصرى شعب أصيل، شعب جدع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.