الجمعة , 29 مارس 2024

عبدالرزّاق الربيعي يكتب: الدم في شوارع “صنعاء”..!

= 1358

——————–


عادت أخبار (صنعاء) تتصدّر واجهات الصحف، ونشرات الأخبار، بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وقفز الخبر اليمني ليكون الأوّل الذي تبدأ به تلك النشرات، ولكنّه خبر لا يسرّ صديقا، فقد جاء مضمّخا بالدم، والخوف من القادم، وما تخفيه الأيّام لليمن الذي كان إلى سنوات قريبة “سعيدا”، رغم الفقر، والألم، وتردّي الخدمات الصحيّة، والتعليميّة، والعامة، وكانت الحياةتسير بسكينة، وهدوء، هل كان ذلك الهدوء هومن النوع الذي يسبق العاصفة؟

ربّما، لكنّه كان أرحم من العواصف التي اجتاحت العراق، لذا تدثّرنا بذلك الهدوء .

واليوم كشفت العاصفة الهوجاء عن وجهها القبيح !

اتّصلت بالدكتور عبدالعزيز المقالح على رقم منزله لم أجد ردّا، اتّصلت بالشاعرة هدى أبلان، كان هاتفها خارج الخدمة، وكأنّ كلّ ما في (صنعاء) كان خارج دائرة الكرة الأرضيّة، بعد أن التفّتْ عليها دوائر الحزن، والألم، والموت، تواصلتُ مع الصديقين الشاعرين علوان الجيلاني، وأحمد عبّاس المقيمين بالقاهرة، فوجدتهماأكثر إحساسا بالرعب منّي!، وقلقا على الأهل ، والأصدقاء هناك، في (صنعاء) الحزينة، استحضرت نيرودا، وصرخته المدوّية، بعد الانقلاب الدامي الذي حدث في تشيلي في 11 سبتمبر 1973، ومقتل سلفادور الليندي:

“تعالوا انظروا الدم في الشوارع

تعالوا انظروا الدم في..

تعالوا انظروا ..”

فجأة، حضرت شوارع (صنعاء)، ومكتباتها، ومقاهيها، وطاعمها، والمخبازة، والبنّ اليمني، وباب اليمن، وجولة تعز، والتحرير، والدائري، وشارع(حدّة)، ومقبرة(خزيمة)، التي ينام بها نبيل السروري، الذي التحق بها قبل أن يكمل قصيدته الجديدة، إلى جانب عدد من أحبّة طواهم الغياب، استحضرت سنوات اقامتي بها في منتصف تسعينيات القرن الماضي، في تلك الأيّام، كان الحراك الثقافي في أوجّه،والنشاط لا يهدأ، على مدار السنة، في جامعة صنعاء، والنادي الأدبي اليمني، ومركز الدراسات اليمنية، ومؤسّسة العفيف الثقافية، واتّحاد الأدباء اليمنيين، والمركز الثقافي، وتتعدّد الفعاليّات ما بين : أماس أدبيّة، ندوات، عروض مسرحيّة، معارض تشكيليّة، محاضرات، مؤتمرات، وكنت أحضرها دوما بصحبة الصديقين :د.حاتم الصكر، وفضل خلف جبر، ورغم حوادث الاختطاف التي تعرّض لها الأجانب في المناطق البعيدة، خلال تلك السنوات، ظلّت اليمن مقصدا للسيّاح، وواجهة لمن يحبّ أن يعيش الحياة ببساطتها، وعفويّتها، وكنّا نتردّد على مجلس د.عبدالعزيز المقالح الذي كرّرت عليه الاتّصال فردّ عليّ، وجاء صوته متهجّدا متعبا، سألته عن الأوضاع، أجاب: مزرية، لا ماء ، لا كهرباء، لاغاز، لا طعام، لاشيء سوى أصوات الإنفجارات، والقصف، التي لم تتوقّف منذ انتشار خبر مقتل الرئيس السابق، وقبل أن ينهي المكالمة قال: لكن يظل الأمل موجودا، عسى أن يسفر الحال عن حل”

تذكرت كافافي و”بانتظار البرابرة” والسطر الأخير:

“لقد كانوا نوعا من الحل”

فهل هذا الكلام هو تشبّث بخيوط الأمل، والبحث عن ضوء في آخر النفق، وسط عتمة مطبقة؟

أم محاولة لمقاومة اليأس، كما يتوجّب على الشاعر أن يفعل في الأزمنة الحالكة؟

أم هو كلام يريد من خلاله طمأنة المحبّين؟

لكنّني أحسست إنّه، كان بينه وبين مفسه يردّد مع نيرودا:

“تعالوا انظروا الدم في الشوارع

تعالوا انظروا الدم في..

تعالوا انظروا ..”

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: سندوتش المدرسة.. صدقة وزكاة

عدد المشاهدات = 6960 لا ينكر إلا جاحد ان الشعب المصرى شعب أصيل، شعب جدع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.