الخميس , 18 أبريل 2024

الإيمان ..ومكارم الأخلاق (2)

= 6284

أعدته للنشر: فاطمة الرفاعي

روى أحمد وغيره أن رجلا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جلس بين يديه فقال: “يا رسول الله إن لي مملوكين يكذبونني ويخونونني ويعصونني وأضربهم وأسبهم فكيف أنا منهم؛ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يحسب ما خانوك وعصوك وما كذبوك وعقابك إياهم، فإن كان دون ذنوبهم كان فضلا لك عليهم وإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافا لا لك ولا عليك، وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم اقتص لهم منك الفضل الذي بقي قبلك.

فجعل الرجل يبكي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويهتف، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما له ما يقرأ كتاب الله (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)؛ فقال الرجل: يا رسول الله ما أجد شيئًا خيرًا من فراق هؤلاء يعني عبيده، إني أشهدك أنهم أحرار كلهم …

والسبب في كونه صاحب الخلق السيئ يسير على خطى النار أن تدينه أولا تدين مغشوش، يأتي من الدين أسهله، ويرسب أمام المحك العملي، وأيضا أنه يحرث في البحر، فيجمع الحسنات، ثم يبددها بسوء خلقه كما بين حديث المفلس.

صاحب الخلق الحسن يسبق بحسن خلقه الصوام القوام

في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام القوام بآيات الله عز وجل لكرم ضريبته و حسن خلقه “.

وعن أسامة بن شريك قال: كنا جلوسا عند النبى صلى الله عليه وسلم كأنما على رءوسنا الطير .. ما يتكلم منا متكلم .. إذ جاءه أناس فقالوا: من أحب عباد الله إلى الله تعالى.. قال: “أحسنكم خلقا” . وفى رواية: “ما خيرُ ما أُعطى الإنسان؟

قال: خلق حسن” . وعند مسلم : إن الله لا يحب التفحش”

وسئل: “أى المؤمنين أكمل إيمانا ؟ قال: أحسنهم خلقا” .

وعن عبد الله بن عمرو: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ألا أخبركم بأحبكم إلىَّ .. وأقربكم منى مجلسا يوم القيامة.. فأعادها مرتين أو ثلاثا قالوا: نعم يا رسول الله.
قال: أحسنكم خلقا ” . وقال: “ما من شىء أثقل فى ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن .. إن الله يكره الفاحش البذىء. وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة”.
هذا التصريح لو صدر عن فيلسوف يشتغل بشئون الإصلاح الخلقى فحسب لما كان مستغربا منه ?

والحق أن الدين إن كان خلقا حسنا بين إنسان وإنسان .. فهو فى طبيعته السماوية صلة حسنة بين الإنسان وربه .. وكلا الأمرين يرجع إلى حقيقة واحدة. إن هناك أديانا تبشر بأن اعتناق عقيدة ما .. يمحو الذنوب .. وأن أداء طاعة معينة يمسح الخطايا. لكن الإسلام لا يقول هذا .. إلا أن تكون العقيدة المعتنقة محورا لعمل الخير. وأداء الواجب .. وأن تكون الطاعة المقترحة غسلا من السوء. وإعدادا للكمال المنشود .. أى أنه لا يمحق السيئات إلا الحسنات التى يضطلع بها الإنسان ..ويرقى صعدا .. إلى مستوى أفضل.

وقد حرص النبى على توكيد هذه المبادئ العادلة .. حتى تتبينها أمته جيدا .. فلا تهون لديها قيمة الخلق .. وترتفع قيمة الطقوس.

عن عبد اللّه بن مسعود- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ألا أخبركم بمن يحرم على النّار أو بمن تحرم عليه النّار: على كلّ قريب هيّن سهل حسن الخلق يصلح ما بين الإنسان وبين النّاس.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال: تقوى الله وحسنُ الخلقِ” وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار، فقال: الأجوفان “الفمُ والفرجُ”.

عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “والّذي نفسي بيده لا يسلم عبد حتّى يسلم قلبه ولسانه، ولا يؤمن حتّى يأمن جاره بوائقه»، قالوا: وما بوائقه يا نبيّ اللّه!

قال: «غشمه وظلمه، ولا يكسب عبد مالا من حرام فينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتصدّق به فيقبل منه، ولا يترك خلف ظهره إلّا كان زاده إلى النّار. إنّ اللّه- عزّ وجلّ- لا يمحو السّيّء بالسّيّء ولكن يمحو السّيّء بالحسن، إنّ الخبيث لا يمحو الخبيث»

شاهد أيضاً

المفتي: دار الإفتاء تستقبل 5000 فتوى طلاق شهريا يقع منها واحد في الألف

عدد المشاهدات = 5826 أعلن الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أنه يأتي إلى دار الإفتاء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.