السبت , 20 أبريل 2024

من فضلك..دعها تتوقف عندك!

= 3316

Magdy El Shazly (2)


أغرب ما نعيشه في هذا الزمان، أن نتحول جميعا إلى ما يشبه الكائنات الفضائية، نستقل أطباقا طائرة، نسبح بها في فضاءات غير محدودة، نبعث برسائل للآخرين لا حصر لها، ونستقبل منهم رسائل بلا نهاية، نقرأ أو لا نقرأ ما يصلنا، نتدبر معاني ما نرسله أو لا، المهم أن يتقن كل منا دور شرطي المرور الذي يقف عند الإشارات الضوئية على مدار الساعة ليحول المركبات في كل الاتجاهات!

أقول هذا، وأنا أرى للأسف عشرات الرسائل التي تصلني محملة بالمغالطات في كل مجالات الحياة، دين، علوم، لغة، قل ما شئت، ورغم ذلك بمجرد أن تصل يقوم معظمنا بإعادة تحويلها للأهل والأصدقاء تنفيذا للوصية التي تذيل هذه الرسائل عادة، والتي تتوسل إليك أحيانا وتنصحك في أحيان أخرى، وقد يصل الأمر لتوعدك بالويل والثبور إن تركت الرسالة تتوقف عندك، ولم ترسلها فورا لكل من عندك!

والغريب أن يقول لك المرسل، إنه يريد الرسالة أن تصل إليه مرة أخرى، فلماذا أرسلها من الأساس، ولماذا لم يريحنا من هذا الهراء، إنني لا أنزعج من محتوى رسالة تحمل معلومة أو نصيحة وكفى، ولكن ما يزعجني أن أرى البعض يسارع بإعادة توجيه رسالة مليئة بالأخطاء والمغالطات عشرات المرات وربما المئات، فلماذا نشارك في نشر الجهل، وتشويه الحقائق الدينية والعلمية؟

لقد وصلتني رسالة منذ أيام عدة مرات عبر "الواتس"، ومن أكثر من صديق، تنبهني إلى "ظاهرة مذهلة" – كما وصفها مؤلف الرسالة – الذي يدعي ان شهر فبراير القادم سيشهد ظاهرة لا تتكرر إلا كل 823 سنة، ولا أعلم لماذا حدد هذا العبقري كل هذه السنوات، لأن ما تقوله الرسالة شىء بديهي جدا ويتكرر كل عام، وهو أن كل يوم من أيام الأسبوع سيتكرر 4 مرات "بالتساوي" في شهر فبراير المقبل!

ألهذا الحد وصلت بنا السذاجة في زمن وسائل الاتصال والتواصل؟

إنني أشعر بالأسى وأنا أرى عقولنا يتم تحييدها تماما، وأرى انتشارا رهيبا للسطحية في كل شىء، حتى أننا قد نتحول قريبا إلى ملايين من الدعاة الدينيين، ومع ذلك لا نحفظ في عقولنا ولا قلوبنا آية واحدة او حديث مما نرسله للآخرين ليل نهار، كما أننا لا نعمل في حياتنا بما نرسله للناس، بل إنني أخشى أن ينطبق علينا قوله سبحانه وتعالى في سورة الصف:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ"!

عزيزي الذي يرسل كل هذا الكم من الرسائل التي تصل إليك دون أي مراجعة..أرجوك انتبه..فقد تتسبب برسالتك في تضليل شخص بمعلومات خاطئة وآيات وأحاديث محرفة ..ربما تقول أنك ترغب في إفادة الآخرين، ولكن هذه ليست مهمتك..وهناك من هم أهل لها..وأفنوا سنوات عمرهم في الإعداد لها..

لذا..أرجوك لوجه الله ألا تستمع لنصائح إعادة الإرسال بلا تدبر، بل احتفظ بالرسالة، دعها تتوقف عندك، تدارس معانيها، وتأكد من صحة المعلومات التي تحملها، ثم اعمل انت أولا بها..لأن كل منا لو فعل هذا ستكون المحصلة أفضل كثيرا من هذه الفوضى التي لا تؤدي إلا لمزيد من الجهل والتضليل!

مجدي الشاذلي

شاهد أيضاً

كابتن الخطيب .. عفوا

عدد المشاهدات = 18853 عزيزي الكابتن محمود الخطيب.. هذه رسالة من مشجع زملكاوي كثيرا ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.